للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعْرِفْ رَحِمَك اللَّهُ تَعَالَى وَغَنَاكَ عَنْ تَكَلُّفِ صِفَةِ مَا لَمْ يَصِفْ الرَّبُّ مِنْ نَفْسِهِ بِعَجْزِك عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا وَصَفَ مِنْهَا إذَا لَمْ تَعْرِفْ قَدْرَ مَا وَصَفَ، فَمَا كَلَّفَك عِلْمَ مَا لَمْ يَصِفْ، هَلْ يُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ طَاعَتِهِ أَوْ يَنْزَجِرُ بِهِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ.

فَأَمَّا الَّذِي جَحَدَ مَا وَصَفَ الرَّبُّ مِنْ نَفْسِهِ تَعَمُّقًا وَتَكَلُّفًا قَدْ اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ فَصَارَ يُسْتَدَلُّ بِزَعْمِهِ عَلَى جَحْدِ مَا وَصَفَ الرَّبُّ مِنْ وَسَمَّى نَفْسَهُ بِأَنْ قَالَ لَا بُدَّ إنْ كَانَ لَهُ كَذَا مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ كَذَا فَعَمِيَ عَنْ الْبَيِّنِ بِالْخَفِيِّ فَجَحَدَ مَا سَمَّى الرَّبَّ مِنْ نَفْسِهِ لِصَمْتِ الرَّبِّ عَمَّا لَمْ يُسَمِّ مِنْهَا فَلَمْ يَزَلْ يُمْلِي لَهُ الشَّيْطَانُ حَتَّى جَحَدَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة: ٢٢] {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٣] : فَقَالَ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَجَحَدَ وَاَللَّهِ أَفْضَلُ كَرَامَةِ اللَّهِ الَّتِي أَكْرَمَ بِهَا أَوْلِيَاءَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ النَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ وَنَظْرَتِهِ إيَّاهُمْ {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: ٥٥] ، فَهُمْ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ يَنْظُرُونَ إلَى أَنْ قَالَ: وَإِنَّمَا جَحَدَ رُؤْيَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إقَامَةً لِلْحُجَّةِ الضَّالَّةِ الْمُضِلَّةِ لِأَنَّهُ قَدْ عَرَفَ إذَا تَجَلَّى لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَأَوْا مِنْهُ مَا كَانُوا بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ قَالُوا لَا» : قَالَ: مُؤْمِنِينَ وَكَانَ لَهُ جَاحِدًا.

«وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلْ نَرَى رَبَّنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ، قَالُوا: لَا، قَالَ: فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَئِذٍ كَذَلِكَ» .

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَمْتَلِئُ النَّارُ حَتَّى يَضَعَ الْجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَقُولُ قَطُّ قَطُّ وَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ» .

«وَقَالَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ: لَقَدْ ضَحِكَ اللَّهُ مِمَّا فَعَلَتْ بِضَيْفِك الْبَارِحَةَ» . وَقَالَ فِيمَا بَلَغَنَا: «أَنَّ اللَّهَ لَيَضْحَكُ مِنْ أَزْلِكُمْ وَقُنُوطِكُمْ وَسُرْعَةِ إجَابَتِكُمْ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ: إنَّ رَبَّنَا لَيَضْحَكُ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: لَا نَعْدَمُ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ» خَيْرًا فِي أَشْبَاهٍ لِهَذَا مِمَّا لَمْ يَخُصَّهُ.

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١] وَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>