وَقَالَ: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: ١٤٣] وَقَالَ: {اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي} [الأعراف: ١٤٤] وَقَالَ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤] وَقَالَ: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ} [الأعراف: ١٥٨] فَأَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَبِكَلَامِ اللَّهِ وَقَالَ: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} [الفتح: ١٥] ، وَقَالَ: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} [الكهف: ١٠٩] . وَقَالَ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة: ٦] وَلَمْ يَقُلْ حَتَّى يَسْمَعَ خَلْقَ اللَّهِ فَهَذَا الْمَنْصُوصُ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَفْسِيرٍ هُوَ بَيِّنٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
قُلْت وَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا أَنَّ اللَّهَ إذَا سَمَّاهُ كَلَامًا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ خَلْقًا وَمِنْ الْمَعْلُومِ الْمُسْتَقِرِّ فِي الْفِطَرِ أَنَّ الْكَلَامَ هُوَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ لَا يَكُونُ مُنْفَصِلًا وَلِهَذَا قَالَ فَهَذَا الْمَنْصُوصُ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَفْسِيرٍ هُوَ بَيِّنٌ يَعْنِي أَنَّ بَيَانَ اللَّهِ مِمَّا ذَكَرَهُ مِنْ كَلَامِهِ وَأَنَّ كَلَامَهُ هُوَ بَيِّنٌ لِكُلِّ أَحَدٍ لَيْسَ مِنْ الْخَفِيِّ وَلَا مِنْ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى تَفْسِيرِ الْجَهْمِيِّ الَّذِي يَجْعَلُهُ مَخْلُوقًا مُنْفَصِلًا عَنْهُ كَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ.
حَرَّفَ هَذَا الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَأَلْحَدَ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَحْرِيفًا وَإِلْحَادًا يَعْلَمُهُ كُلُّ ذِي فِطْرَةٍ سَلِيمَةٍ وَلِهَذَا تَجِدُ ذَوَيْ الْفِطَرِ السَّلِيمَةِ إذَا ذُكِرَ لَهُمْ هَذَا الْمَذْهَبُ يَقُولُونَ هَذَا يَقُولُ إنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ حَتَّى إنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ عَمَّنْ يَقُولُ حُرُوفُ الْقُرْآنِ مَخْلُوقَةٌ هَذَا يَقُولُ الْقُرْآنُ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ لَا يَقُولُونَ مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ لِمَا اسْتَقَرَّ فِي فِطَرِهِمْ أَنَّ مَا يَكُونُ مَخْلُوقًا مُنْفَصِلًا عَنْ اللَّهِ لَا يَكُونُ كَلَامَ اللَّهِ فَمَنْ قَالَ إنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِحُرُوفِ الْقُرْآنِ بَلْ جَعَلَهُ خَالِقًا لَهَا فِي جِسْمٍ مِنْ الْأَجْسَامِ فَهُوَ عِنْدَهُمْ يَقُولُ إنَّ الْقُرْآنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute