وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: تُومِئُ الْحَائِضُ بِالسُّجُودِ.
وَقَالَ سَعِيدٌ: وَتَقُولُ: رَبِّ لَك سَجَدْت، وَعَنْ الشَّعْبِيِّ جَوَازُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ إلَى الْقِبْلَةِ، وَأَمَّا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ: فَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ» وَقَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» . وَقَالَ: «صَلُّوا عَلَى النَّجَاشِيِّ» سَمَّاهَا صَلَاةً وَلَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ، وَلَا سُجُودٌ، وَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهَا، وَفِيهَا تَكْبِيرٌ وَتَسْلِيمٌ، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُصَلِّي إلَّا طَاهِرًا وَلَا يُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبِهَا وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ.
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: عَرَضَ الْبُخَارِيُّ لِلرَّدِّ عَلَى الشَّعْبِيِّ، فَإِنَّهُ أَجَازَ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ قَالَ: لِأَنَّهَا دُعَاءٌ لَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ، وَالْفُقَهَاءُ مُجْمِعُونَ مِنْ السَّلَفِ، وَالْخَلَفِ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ، فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى شُذُوذِهِ. أَجْمَعُوا أَنَّهَا لَا تُصَلَّى إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ، وَلَوْ كَانَتْ دُعَاءً كَمَا زَعَمَ الشَّعْبِيُّ لَجَازَتْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ. قَالَ: وَاحْتِجَاجُ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ حَسَنٌ. قُلْت: فَالنِّزَاعُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَفِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، قِيلَ: هُمَا جَمِيعًا لَيْسَا صَلَاةً كَمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَقِيلَ: هُمَا جَمِيعًا صَلَاةٌ تَجِبُ لَهُمَا الطَّهَارَةُ، وَالْمَأْثُورُ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ النُّصُوصُ.
وَالْقِيَاسُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْجِنَازَةِ وَالسُّجُودِ الْمُجَرَّدِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ: «لَا صَلَاةَ إلَّا بِطُهُورٍ» . كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute