وَقَالَ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣] وَقَالَ: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [البقرة: ٢١٣] .
فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَلْزَمَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُنَّةَ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ وَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ وَمَا تَنَازَعَتْ فِيهِ الْأُمَّةُ وَتَفَرَّقَتْ فِيهِ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَفْصِلَ النِّزَاعَ بِالْعِلْمِ وَالْعَدْلِ وَإِلَّا اسْتَمْسَكَ بِالْجُمَلِ الثَّابِتَةِ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَأَعْرَضَ عَنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا فَإِنَّ مَوَاضِعَ التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ عَامَّتَهَا تَصْدُرُ عَنْ اتِّبَاعِ الظَّنِّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ الْهُدَى.
وَقَدْ بَسَطْت الْقَوْلَ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِبَيَانِ مَا كَانَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْعَقْلُ وَالسَّمْعُ وَبَيَانُ مَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الِاشْتِرَاكِ وَالِاشْتِبَاهِ وَالْغَلَطِ فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ وَلَكِنْ نَذْكُرُ مِنْهَا جُمْلَةً مُخْتَصَرَةً بِحَسَبِ حَالِ السَّائِلِ بَعْدَ الْجَوَابِ بِالْجُمَلِ الثَّابِتَةِ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَمَنْعِهِمْ مِنْ الْخَوْضِ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي يُوقِعُ بَيْنَهُمْ الْفُرْقَةَ وَالِاخْتِلَافَ فَإِنَّ الْفُرْقَةَ وَالِاخْتِلَافَ مِنْ أَعْظَمِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ وَالتَّفْصِيلُ الْمُخْتَصَرُ أَنْ نَقُولَ: مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْمِدَادَ الَّذِي فِي الْمُصْحَفِ وَأَصْوَاتَ الْعِبَادِ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ فَهُوَ ضَالٌّ مُخْطِئٌ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأَوَّلِينَ وَسَائِرِ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَطُّ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ ذَلِكَ قَدِيمٌ لَا مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ وَمَنْ نَقَلَ قِدَمَ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَهُوَ مُخْطِئٌ فِي النَّقْلِ أَوْ مُتَعَمِّدٌ لِلْكَذِبِ بَلْ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ تَبْدِيعُ مَنْ قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَمَا جَهَّمُوا مَنْ قَالَ اللَّفْظُ بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ.
وَقَدْ صَنَّفَ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ أَخَصُّ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِهِ فِي ذَلِكَ رِسَالَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute