الَّذِي سَمَّاهُ اللَّهُ عِلْمًا وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي يَكْفُرُ مَنْ قَالَ بِحُدُوثِهِ.
قَالَ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ رَدًّا عَلَى الْجَهْمِيَّةِ الضُّلَّالِ: إنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ بِصَوْتٍ، وَرَوَى عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ بُخْتَانَ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَمَّنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ بِصَوْتٍ، قَالَ بَلَى تَكَلَّمَ بِصَوْتٍ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كَمَا جَاءَتْ نَرْوِيهَا لِكُلِّ حَدِيثٍ وَجْهٌ يُرِيدُونَ أَنْ يُمَوِّهُوا عَلَى النَّاسِ، مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ مُوسًى فَهُوَ كَافِرٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " إذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ صَوْتَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ فَيَخِرُّونَ سُجُودًا حَتَّى إذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، قَالَ سَكَنَ عَنْ قُلُوبِهِمْ - نَادَى أَهْلَ السَّمَاءِ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ "، قَالَ كَذَا وَكَذَا، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ، وَذَكَرَهُ عَنْهُ الْخَلَّالُ قَالَ سَأَلْت أَبِي عَنْ قَوْمٍ يَقُولُونَ لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى لَمْ يَتَكَلَّمْ بِصَوْتٍ فَقَالَ أَبِي بَلْ تَكَلَّمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِصَوْتٍ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ نَرْوِيهَا كَمَا جَاءَتْ، وَقَالَ أَبِي حَدِيث ابْنِ مَسْعُودٍ إذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ كَجَرِّ سِلْسِلَةٍ عَلَى الصَّفْوَانِ قَالَ أَبِي وَالْجَهْمِيَّةُ تُنْكِرُهُ وَقَالَ أَبِي هَؤُلَاءِ كُفَّارٌ يُرِيدُونَ أَنْ يُمَوِّهُوا عَلَى النَّاسِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ فَهُوَ كَافِرٌ، إنَّمَا نَرْوِي هَذِهِ الْأَحَادِيثَ كَمَا جَاءَتْ.
وَرَوَى الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ لَهُ إنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ قَدْ تَكَلَّمَ، وَقَالَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسًى بِلَا صَوْتٍ فَهُوَ جَهْمِيٌّ عَدُوُّ اللَّهِ وَعَدُوُّ الْإِسْلَامِ، أَيْ حَقًّا جَهْمِيٌّ عَدُوُّ اللَّهِ مِنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ يَا ضَالًّا مُضِلًّا مَنْ ذَبَّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مَنْ كَانَ مِنْ النَّاسِ يُجَانِبُ أَشَدَّ الْمُجَانَبَةَ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَأَلَ حَتَّى انْتَهَى إلَى آخِرِ كَلَامِ عَبْدِ الْوَهَّابِ. فَتَبَسَّمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ: مَا أَحْسَنَ مَا تَكَلَّمَ عَافَاهُ اللَّهُ، وَلَمْ يُنْكِرْ مِنْهُ شَيْئًا.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ صَاحِبُ الصَّحِيحِ فِي كِتَابِ خَلْقِ الْأَفْعَالِ وَيَذْكُرُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّ اللَّهَ يُنَادِي بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ فَلَيْسَ هَذَا لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» .
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّ صَوْتَ اللَّهِ لَا يُشْبِهُ أَصْوَاتَ الْخَلْقِ، لِأَنَّ صَوْتَ اللَّهِ يُسْمِعُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يُسْمِعُ مَنْ قَرُبَ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ يُصْعَقُونَ مِنْ صَوْتِهِ فَإِذَا تَنَادَى الْمَلَائِكَةُ لَمْ يُصْعَقُوا.
وَقَالَ: لَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ نِدًّا فَلَيْسَ لِصِفَةِ اللَّهِ نِدٌّ وَلَا مِثْلٌ وَلَا يُوجَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute