للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [الرعد: ١٥] .

وَأَمَّا كَلَامُهُ فَلَهُ حُرْمَةٌ عَظِيمَةٌ؛ وَلِهَذَا يَنْهَى أَنْ يُقْرَأَ الْقُرْآنُ فِي حَالِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَإِذَا نُهِيَ أَنْ يُقْرَأَ فِي السُّجُودِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْعَلَ الْمُصْحَفُ مِثْلَ السُّجُودِ، وَحُرْمَةُ الْمُصْحَفِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَسْجِدِ، وَالْمَسْجِدُ يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَهُ الْمُحْدِثُ، وَيَدْخُلَهُ الْكَافِرُ لِلْحَاجَةِ، وَقَدْ كَانَ الْكُفَّارُ يَدْخُلُونَهُ، وَاخْتُلِفَ فِي نَسْخِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْمُصْحَفِ، فَلَا يَلْزَمُ إذَا جَازَ الطَّوَافُ مَعَ الْحَدَثِ، أَنْ يَجُوزَ لِلْمُحْدِثِ مَسُّ الْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُصْحَفِ أَعْظَمُ، وَعَلَى هَذَا فَمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، وَسَعِيدٍ: مِنْ أَنَّ الْحَائِضَ تُومِئُ بِالسُّجُودِ، هُوَ لِأَنَّ حَدَثَ الْحَائِضِ أَغْلَظُ، وَالرُّكُوعُ هُوَ سُجُودٌ خَفِيفٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [البقرة: ٥٨] . قَالُوا: رُكَّعًا فَرُخِّصَ لَهَا فِي دُونِ كَمَالِ السُّجُودِ.

وَأَمَّا احْتِجَاجُ ابْنِ حَزْمٍ عَلَى أَنَّ مَا دُونَ رَكْعَتَيْنِ لَيْسَ بِصَلَاةٍ، بِقَوْلِهِ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» . فَهَذَا يَرْوِيهِ الْأَزْدِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَارِقِيِّ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ خِلَافُ مَا رَوَاهُ الثِّقَاتُ الْمَعْرُوفُونَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، فَإِنَّهُمْ رَوَوْا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الْفَجْرَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>