وَلَا كَثِيرًا. مَا نَعْرِفُ إلَّا مَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَصَنَّفَ كِتَابَ الْإِبَانَةِ فَلَمْ يَقْبَلُوهُ مِنْهُ. وَلَمْ يَظْهَرْ بِبَغْدَادَ إلَى أَنْ خَرَجَ مِنْهَا.
قَالَ: وَقَوْلُ الْأَهْوَازِيِّ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ لَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ مَا أَظْهَرَهُ مِنْ كِتَابِ الْإِبَانَةِ وَهَجَرُوهُ. فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ لَنَقَلُوهُ عَنْ أَشْيَاخِهِمْ وَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ أَنَّهُ كَانَ صَدِيقًا لِلتَّمِيمِيِّينَ سَلَفِ أَبِي مُحَمَّدٍ رِزْقِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَارِثِ.
وَكَانُوا لَهُ مُكَرِّمِينَ وَقَدْ أَظْهَرَ بَرَكَةَ تِلْكَ الصُّحْبَةِ عَلَى أَعْقَابِهِمْ حَتَّى نُسِبَ إلَى مَذْهَبِهِ أَبُو الْخَطَّابِ الْكَلْوَاذَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِهِمْ وَهَذَا تِلْمِيذُ أَبِي الْخَطَّابِ أَحْمَدَ الْحَرْبِيِّ يُخْبِرُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْته وَيُنْبِئُ. وَكَذَلِكَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُجَاهِدٍ وَصَاحِبِ صَاحِبِهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الطَّيِّبِ مِنْ الْمُوَاصَلَةِ وَالْمُوَاكَلَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَثْرَةِ الِاخْتِلَاقِ مِنْ الْأَهْوَازِيِّ وَالتَّكْذِيبِ.
قَالَ: وَقَدْ أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ الْبَزَّارُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمِيمِيُّ الْحَنْبَلِيُّ قَالَ: سَأَلْت الشَّرِيفَ أَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي مُوسَى الْهَاشِمِيَّ فَقَالَ: حَضَرْت دَارَ شَيْخِنَا أَبِي الْحَسَنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَارِثِ التَّمِيمِيِّ سَنَةَ سَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ فِي دَعْوَةٍ عَمِلَهَا لِأَصْحَابِهِ حَضَرَهَا أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ شَيْخُ الْمَالِكِيِّينَ وَأَبُو الْقَاسِمِ الدَّارَكِيُّ شَيْخُ الشَّافِعِيِّينَ وَأَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ شَيْخُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ سَمْعُونٍ شَيْخُ الْوُعَّاظِ وَالزُّهَّادِ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُجَاهِدٍ شَيْخُ الْمُتَكَلِّمِينَ وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَاقِلَّانِيُّ فِي دَارِ شَيْخِنَا أَبِي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ شَيْخِ الْحَنَابِلَةِ، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لَوْ سَقَطَ السَّقْفُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَبْقَ بِالْعِرَاقِ مَنْ يُفْتِي فِي حَادِثَةٍ يُشْبِهُ وَاحِدًا مِنْهُمْ.
قَالَ: وَحِكَايَةُ الْأَهْوَازِيِّ عَنْ الْبَرْبَهَارِيِّ مِمَّا يَقَعُ فِي صِحَّتِهَا التَّمَارِي وَأَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى بُطْلَانِهَا قَوْلُهُ: إنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ بِبَغْدَادَ إلَى أَنْ خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ بَعْدَ أَنْ صَارَ إلَيْهَا لَمْ يُفَارِقْهَا وَلَا رَحَلَ عَنْهَا.
قُلْت: لَا رَيْبَ أَنَّ الْأَشْعَرِيَّةَ إنَّمَا تَعَلَّمُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ مِنْ أَتْبَاعِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَنَحْوِهِ بِالْبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ، فَإِنَّ الْأَشْعَرِيَّ أَخَذَ السُّنَّةَ بِالْبَصْرَةِ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى السَّاجِيِّ وَهُوَ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْمُتَّبِعِينَ لِأَحْمَدَ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ لَمَّا قَدِمَ بَغْدَادَ أَخَذَ مِمَّنْ كَانَ بِهَا، وَلِهَذَا يُوجَدُ أَكْثَرُ أَلْفَاظِهِ الَّتِي يَذْكُرُهَا عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ إمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute