للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ عَنْ الدَّمِ؛ لِأَنَّهُ دَمٌ قَصَرَته الشَّهْوَةُ، وَلِهَذَا يَخْرُجُ عِنْدَ الْإِكْثَارِ مِنْ الْجِمَاعِ أَحْمَرَ، وَالدَّمُ نَجِسٌ، وَالنَّجَاسَةُ لَا تَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ عِنْدَكُمْ.

وَالْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّهُ يَجْرِي فِي مَجْرَى الْبَوْلِ، فَيَتَنَجَّسُ بِمُلَاقَاةِ الْبَوْلِ، فَيَكُونُ كَاللَّبَنِ فِي الظَّرْفِ النَّجِسِ، فَهَذِهِ أَدِلَّةٌ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ.

فَنَقُولُ: الْجَوَابُ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ: أَمَّا حَدِيثُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَلَا أَصْلَ لَهُ. فِي إسْنَادِهِ ثَابِتُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ جِدًّا، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَهُ مَنَاكِيرُ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ.

وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي: فَقَوْلُهُمْ يُوجِبُ طَهَارَتَيْ الْخَبَثِ وَالْحَدَثِ، أَمَّا الْخَبَثُ فَمَمْنُوعٌ، بَلْ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ مُسْتَحَبٌّ، كَمَا يُسْتَحَبُّ إمَاطَتُهُ مِنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ، وَقَدْ قِيلَ: هُوَ وَاجِبٌ، كَمَا قَدْ قِيلَ: يَجِبُ غَسْلُ الْأُنْثَيَيْنِ مِنْ الْمَذْيِ، وَكَمَا يَجِبُ غَسْلُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ إذَا خَرَجَ الْخَارِجُ مِنْ الْفَرْجِ، فَهَذَا كُلُّهُ طَهَارَةٌ وَجَبَتْ لِخَارِجٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ بِهَا إمَاطَتَهُ وَتَنْجِيسَهُ، بَلْ سَبَبٌ آخَرُ كَمَا يُغْسَلُ مِنْهُ سَائِرُ الْبَدَنِ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ سَبَبَ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْهُ لَيْسَ هُوَ النَّجَاسَةُ، بَلْ سَبَبٌ آخَرُ. فَقَوْلُهُمْ يُوجِبُ طَهَارَةَ الْخَبَثِ، وَصْفٌ مَمْنُوعٌ فِي الْفَرْعِ، فَلَيْسَ غَسْلُهُ عَنْ الْفَرْجِ لِلْخَبَثِ، وَلَيْسَتْ الطَّهَارَاتُ مُنْحَصِرَةً فِي ذَلِكَ كَغَسْلِ الْيَدِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ، وَغُسْلِ الْمَيِّتِ، وَالْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ وَغَسْلِ الْأُنْثَيَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَهَذِهِ الطَّهَارَةُ إنْ قِيلَ بِوُجُوبِهَا، فَهِيَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، فَيَبْطُلُ قِيَاسُهُ عَلَى الْبَوْلِ لِفَسَادِ الْوَصْفِ الْجَامِعِ.

وَأَمَّا إيجَابُهُ طَهَارَةَ الْحَدَثِ فَهُوَ حَقٌّ، لَكِنَّ طَهَارَةَ الْحَدَثِ لَيْسَتْ أَسْبَابُهَا مُنْحَصِرَةً فِي النَّجَاسَاتِ، فَإِنَّ الصُّغْرَى تَجِبُ مِنْ الرِّيحِ إجْمَاعًا، وَتَجِبُ بِمُوجِبِ الْحُجَّةِ مِنْ مُلَامَسَةِ الشَّهْوَةِ، وَمِنْ مَسِّ الْفَرْجِ، وَمِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ، وَمِنْ الرِّدَّةِ، وَغُسْلِ الْمَيِّتِ، وَقَدْ كَانَتْ تَجِبُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ مِنْ كُلِّ مَا غَيَّرَتْهُ النَّارُ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَسْبَابِ غَيْرُ نَجِسَةٍ.

وَأَمَّا الْكُبْرَى فَتَجِبُ بِالْإِيلَاجِ إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ، وَلَا نَجَاسَةَ، وَتَجِبُ بِالْوِلَادَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>