للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» .

«وَلَمَّا قِيلَ لَهُ عَنْ صَفِيَّةَ إنَّهَا حَاضَتْ، فَقَالَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ فَقِيلَ لَهُ: إنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ؟ قَالَ: فَلَا إذًا» .

وَصَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّهُ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ عَامَ تِسْعٍ، لَمَّا أَمَّرَهُ عَلَى الْمَوْسِمِ يُنَادِي: أَنْ لَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ» .

وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ الطَّائِفِينَ بِالْوُضُوءِ وَلَا بِاجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ، كَمَا أَمَرَ الْمُصَلِّينَ بِالْوُضُوءِ، فَنَهْيُهُ الْحَائِضَ عَنْ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ الْمَسْجِدِ، لِكَوْنِهَا مَنْهِيَّةً عَنْ اللَّبْثِ فِيهِ، وَفِي الطَّوَافِ لَبْثٌ، أَوْ عَنْ الدُّخُولِ إلَيْهِ مُطْلَقًا لِمُرُورٍ أَوْ لَبْثٍ؛ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِكَوْنِ الطَّوَافِ نَفْسِهِ يَحْرُمُ مَعَ الْحَيْضِ، كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَائِضِ الصَّلَاةُ، وَالصِّيَامُ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَمَسِّ الْمُصْحَفِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، وَاَلَّذِينَ حَرَّمُوا عَلَيْهَا الْقِرَاءَةَ كَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ تَنَازَعُوا فِي إبَاحَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَهَا وَلِلنُّفَسَاءِ، قَبْلَ الْغُسْلِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهُمَا: إبَاحَتُهَا لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ.

وَالثَّانِي: مَنْعُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ.

وَالثَّالِثُ: إبَاحَتُهَا لِلنُّفَسَاءِ دُونَ الْحَائِضِ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِمَجْمُوعِهِمَا، بِحَيْثُ لَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَحْرُمْ، فَإِنْ كَانَ تَحْرِيمُهُ لِلْأَوَّلِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، فَإِنَّ لَبْثَهَا فِي الْمَسْجِدِ لِضَرُورَةِ الْمَسْجِدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>