وَعَنْ رَجُلٍ غُصِبَ لَهُ مَالٌ، أَوْ مُطِلَ فِي دَيْنٍ ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ تَكُونُ الْمُطَالَبَةُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ أَمْ لِلْوَرَثَةِ؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.
أَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ: كَحَدِيثِ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَمَيْمُونَةَ وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَغْتَسِلُ هُوَ وَزَوْجَتُهُ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ، حَتَّى يَقُولَ لَهَا: أَبْقِي لِي وَتَقُولَ هِيَ: أَبْقِ لِي» .
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَغْتَسِلُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ. وَلَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاءٌ جَارٍ وَلَا حَمَّامٌ» .
فَإِذَا كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ جَمِيعًا، وَيَغْتَسِلُونَ جَمِيعًا مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ بِقَدْرِ الْفَرْقِ، وَهُوَ بِضْعَةَ عَشَرَ رِطْلًا بِالْمِصْرِيِّ أَوْ أَقَلُّ، وَلَيْسَ لَهُمْ يَنْبُوعٌ، وَلَا أُنْبُوبٌ، فَتَوَضُّؤُهُمْ وَاغْتِسَالُهُمْ جَمِيعًا مِنْ حَوْضِ الْحَمَّامِ أَوْلَى وَأَحْرَى، فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْحَوْضُ نَاقِصًا وَالْأُنْبُوبُ مُسَدَّدًا، فَكَيْفَ إذَا كَانَ الْأُنْبُوبُ مَفْتُوحًا وَسَوَاءٌ فَاضَ أَوْ لَمْ يَفِضْ.
وَكَذَلِكَ بِرَكُ الْمَدَارِسِ، وَمَنْ مَنَعَ غَيْرَهُ حَتَّى يَنْفَرِدَ وَحْدَهُ بِالِاغْتِسَالِ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ، مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ.
وَأَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي يَعْلَمُ الْوَلَدُ أَنَّهُ رِبًا: يُخْرِجُهُ، إمَّا أَنْ يَرُدَّهُ إلَى أَصْحَابِهِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ، وَالْبَاقِي لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ، لَكِنَّ الْقَدْرَ الْمُشْتَبَهَ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُهُ إذَا لَمْ يَجِبْ صَرْفُهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ نَفَقَةِ عِيَالٍ.
وَإِنْ كَانَ الْأَبُ قَبَضَهُ بِالْمُعَامَلَاتِ الرِّبَوِيَّةِ الَّتِي يُرَخِّصُ فِيهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ جَازَ لِلْوَارِثِ الِانْتِفَاعُ بِهِ. وَإِنْ اخْتَلَطَ الْحَلَالُ بِالْحَرَامِ، وَجُهِلَ قَدْرُ كُلٍّ مِنْهُمَا: جُعِلَ ذَلِكَ نِصْفَيْنِ.
وَأَمَّا مَنْ غُصِبَ لَهُ مَالٌ أَوْ مُطِلَ بِهِ فَالْمُطَالَبَةُ فِي الْآخِرَةِ لَهُ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute