للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، عَلَى فِرَاشِ أَهْلِهِ، اعْتِرَاضَ الْجِنَازَةِ» وَفِي لَفْظٍ عَنْ عِرَاكٍ، عَنْ عُرْوَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي وَعَائِشَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى الْفِرَاشِ الَّذِي يَنَامَانِ عَلَيْهِ» . وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا لِلْبُخَارِيِّ، اسْتَدَلُّوا بِهَا فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْفُرُشِ، وَذَكَرَ اللَّفْظَ الْأَخِيرَ مُرْسَلًا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى التَّفْسِيرِ لِلْمُسْنَدِ أَنَّ عُرْوَةَ إنَّمَا سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا سَمِعَ مِنْهَا.

وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ وَالسُّجُودِ عَلَى الْمَفَارِشِ إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ، كَالْخُمْرَةِ وَالْحَصِيرَةِ وَنَحْوِهِ، وَإِمَّا تَنَازَعُوا فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ عَلَى مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ: كَالْأَنْطَاعِ الْمَبْسُوطَةِ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ، وَكَالْبُسُطِ وَالزَّرَابِيِّ الْمَصْبُوغَةِ مِنْ الصُّوفِ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُرَخِّصُونَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَمَذْهَبُ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدْ اسْتَدَلُّوا عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ أَيْضًا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ، فَإِنَّ الْفِرَاشَ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ أَدَمٍ أَوْ صُوفٍ.

وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي عَلَى الْحَصِيرِ، وَعَلَى الْفَرْوَةِ الْمَدْبُوغَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوْنٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الْمُغِيرَةِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ مَجْهُولٌ.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِي تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: «مَا أُبَالِي لَوْ صَلَّيْت عَلَى خُمُرٍ» .

وَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ الصَّلَاةِ عَلَى مَا يُفْرَشُ - بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ - عُلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَمْنَعْهُمْ أَنْ يَتَّخِذُوا شَيْئًا يَسْجُدُونَ عَلَيْهِ يَتَّقُونَ بِهِ الْحَرَّ؛ وَلَكِنْ طَلَبُوا مِنْهُ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَ يُؤَخِّرُهَا فَلَمْ يُجِبْهُمْ، وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَتَّقِي الْحَرَّ إمَّا بِشَيْءٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ، وَإِمَّا بِمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ طَرَفِ ثَوْبِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>