أَحَبَّهُ. وَأَنَّهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. فَمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ هَذَا فَقَدْ عَصَى أَمْرَهُ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ - قَالَهَا ثَلَاثًا -» أَيْ: الْمُشَدِّدُونَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ، وَقَالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، اقْتِصَادٌ فِي سُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ اجْتِهَادٍ فِي بِدْعَةٍ.
وَلَا يَحْتَجُّ مُحْتَجٌّ بِجَمْعِ التَّرَاوِيحِ، وَيَقُولُ: " نِعْمَتْ الْبِدْعَةُ هَذِهِ " فَإِنَّهَا بِدْعَةٌ فِي اللُّغَةِ، لِكَوْنِهِمْ فَعَلُوا مَا لَمْ يَكُونُوا يَفْعَلُونَهُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُ هَذِهِ، وَهِيَ سُنَّةٌ مِنْ الشَّرِيعَةِ، وَهَكَذَا إخْرَاجُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَمَصَّرَ الْأَمْصَارَ كَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، وَجَمَعَ الْقُرْآنَ فِي مُصْحَفٍ وَاحِدٍ، وَفَرَضَ الدِّيوَانَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. فَقِيَامُ رَمَضَانَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُمَّتِهِ، وَصَلَّى بِهِمْ جَمَاعَةً عِدَّةَ لَيَالٍ، وَكَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلُّونَ جَمَاعَةً وَفُرَادَى، لَكِنْ لَمْ يُدَاوِمْ عَلَى جَمَاعَةٍ وَاحِدَةٍ لِئَلَّا يُفْتَرَضَ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا مَاتَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَقَرَّتْ الشَّرِيعَةُ.
فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَمَعَهُمْ عَلَى إمَامٍ وَاحِدٍ، وَاَلَّذِي جَمَعَهُمْ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ، جَمَعَ النَّاسَ عَلَيْهَا بِأَمْرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعُمَرَ هُوَ مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ حَيْثُ يَقُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» يَعْنِي الْأَضْرَاسَ؛ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ فِي الْقُوَّةِ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، فَمَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ كَفَرَ» فَأَيُّ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَا تُجْزِئُ الْمُسَافِرَ كَفَرَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: مِنْ حَيْثُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى خِلَافِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعِبَادَاتِ، فَإِنَّ هَذَا بِدْعَةٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَإِنْ ظَنَّ الظَّانُّ أَنَّ فِي زِيَادَتِهِ خَيْرًا كَمَا أَحْدَثَهُ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي الْعِيدَيْنِ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ، وَكَرِهَهُ أَئِمَّةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute