وَغَيْرِهِمْ. وَكَصَلَاةِ " الْأَلْفِيَّةِ " الَّتِي فِي أَوَّلِ رَجَبٍ، وَنِصْفِ شَعْبَانَ، وَالصَّلَاةِ " الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ " الَّتِي فِي أَوَّلِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَالصَّلَاةِ الَّتِي فِي لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ، وَصَلَوَاتٍ أُخَرَ تُذْكَرُ فِي الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ، وَصَلَاةِ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ وَصَلَاةِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ اتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِحَدِيثِهِ أَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ بَلَغَ ذَلِكَ أَقْوَامًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، فَظَنُّوهُ صَحِيحًا، فَعَمِلُوا بِهِ، وَهُمْ مَأْجُورُونَ عَلَى حُسْنِ قَصْدِهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ، لَا عَلَى مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ.
وَأَمَّا مَنْ تَبَيَّنَتْ لَهُ السُّنَّةُ فَظَنَّ أَنَّ غَيْرَهَا خَيْرٌ مِنْهَا فَهُوَ ضَالٌّ مُبْتَدِعٌ. بَلْ كَافِرٌ.
وَالْقَوْلُ الْوَسَطُ الْعَدْلُ هُوَ مَا وَافَقَ السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ الثَّابِتَةَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا» . وَقَدْ رَوَى السَّبْتُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ جَمْعًا بَيْنَ هَذَا وَهَذَا.
وَالسُّنَّةُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فِي الْجُمُعَةِ، وَغَيْرِهَا. كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ تُوصَلَ صَلَاةٌ بِصَلَاةٍ، حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَهُمَا بِقِيَامٍ أَوْ كَلَامٍ» فَلَا يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ. يَصِلُ السَّلَامَ بِرَكْعَتِي السُّنَّةِ، فَإِنَّ هَذَا رُكُوبٌ لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَفِي هَذَا مِنْ الْحِكْمَةِ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَغَيْرِ الْفَرْضِ، كَمَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَغَيْرِ الْعِبَادَةِ.
وَلِهَذَا اُسْتُحِبَّ تَعْجِيلُ الْفُطُورِ، وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ، وَالْأَكْلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَنُهِيَ عَنْ اسْتِقْبَالِ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، فَهَذَا كُلُّهُ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنْ الصِّيَامِ، وَغَيْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَالْفَصْلُ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا. وَهَكَذَا تَتَمَيَّزُ الْجُمُعَةُ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ مِنْ غَيْرِهَا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ كَالرَّافِضَةِ وَغَيْرِهِمْ لَا يَنْوُونَ الْجُمُعَةَ بَلْ يَنْوُونَ الظُّهْرَ، وَيُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ سَلَّمُوا، وَمَا سَلَّمُوا، فَيُصَلُّونَ ظُهْرًا وَيَظُنُّ الظَّانُّ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ السُّنَّةَ، فَإِذَا حَصَلَ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ كَانَ فِي هَذَا مَنْعٌ لِهَذِهِ الْبِدْعَةِ، وَهَذَا لَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute