وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنْ عَبْدِهِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ» وَالدُّعَاءُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ، وَعِنْدَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ، وَعِنْدَ الْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةِ، وَفِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ، وَفِي حَالِ السُّجُودِ، وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ. وَأَمْثَالُ ذَلِكَ، فَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الْمَعْرُوفَةُ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ.
وَالدُّعَاءُ بِالْمَشَاعِرِ: كَعَرَفَةَ، وَمُزْدَلِفَةَ، وَمِنًى، وَالْمُلْتَزَمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَشَاعِرِ مَكَّةَ، وَالدُّعَاءُ بِالْمَسَاجِدِ مُطْلَقًا، وَكُلَّمَا فُضِّلَ الْمَسْجِدُ كَالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ كَانَتْ الصَّلَاةُ وَالدُّعَاءُ أَفْضَلَ.
وَأَمَّا الدُّعَاءُ لِأَجْلِ كَوْنِ الْمَكَانِ فِيهِ قَبْرُ نَبِيٍّ، أَوْ وَلِيٍّ، فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا إنَّ الدُّعَاءَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَكِنْ هَذَا مِمَّا ابْتَدَعَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مُضَاهَاةً لِلنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَأَصْلُهُ مِنْ دِينِ الْمُشْرِكِينَ، لَا مِنْ دِينِ عِبَادِ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ، كَاِتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ، فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَسْتَحِبَّهُ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، وَلَكِنْ ابْتَدَعَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مُضَاهَاةً لِمَنْ لَعَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
فَصْلٌ:
وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَغِيثَ إلَى اللَّهِ فِي الدُّعَاءِ بِنَبِيٍّ مُرْسَلٍ، أَوْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، أَوْ بِكَلَامِهِ تَعَالَى، أَوْ بِالْكَعْبَةِ، أَوْ بِالدُّعَاءِ الْمَشْهُورِ بِاحْتِيَاطِ قَافْ، أَوْ بِدُعَاءِ أُمِّ دَاوُد، أَوْ الْخَضِرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى اللَّهِ فِي السُّؤَالِ بِحَقِّ فُلَانٍ بِحُرْمَةِ فُلَانٍ بِجَاهِ الْمُقَرَّبِينَ بِأَقْرَبِ الْخَلْقِ، أَوْ يُقْسِمُ بِأَعْمَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ، فَيُقَالُ هَذَا السُّؤَالُ فِيهِ فُصُولٌ مُتَعَدِّدَةٌ. فَأَمَّا الْأَدْعِيَةُ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا السُّنَّةُ فَفِيهَا سُؤَالُ اللَّهِ بِأَسْمَائِهِ، وَصِفَاتِهِ، وَالِاسْتِعَاذَةِ بِكَلَامِهِ كَمَا فِي الْأَدْعِيَةِ الَّتِي فِي السُّنَنِ.
مِثْلُ قَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ أَنْتَ اللَّهُ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute