أَوْ شَمْعًا، أَوْ ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً، أَوْ سِتْرًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لِيُجْعَلَ عِنْدَ قَبْرِ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، أَوْ الْقَرَابَةِ، أَوْ الْمَشَايِخِ، فَهُوَ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ لَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَهَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِمَا نَذَرَهُ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ الصَّالِحِينَ، كَانَ خَيْرًا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَنْفَعَ لَهُ، فَإِنَّ هَذَا عَمَلٌ صَالِحٌ يُثِيبُهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ، وَلَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. وَالْمُتَصَدِّقُ يَتَصَدَّقُ لِوَجْهِ اللَّهِ وَلَا يَطْلُبُ أَجْرَهُ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ، بَلْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى - الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} [الليل: ١٧ - ١٨] {وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى} [الليل: ١٩] {إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} [الليل: ٢٠] {وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: ٢١] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ} [البقرة: ٢٦٥] الْآيَةَ. وَقَالَ عَنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا} [الإنسان: ٩] .
وَلِهَذَا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَ بِغَيْرِ اللَّهِ، مِثْلُ الَّذِي يَقُولُ كَرَامَةً لِأَبِي بَكْرٍ، وَلِعَلِيٍّ، أَوْ لِلشَّيْخِ فُلَانٍ، أَوْ الشَّيْخِ فُلَانٍ بَلْ لَا يُعْطِي إلَّا مَنْ سَأَلَ لِلَّهِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَإِنَّ إخْلَاصَ الَّذِي لِلَّهِ وَاجِبٌ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ: كَالصَّلَاةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالصِّيَامِ، وَالْحَجِّ، فَلَا يَصْلُحُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ إلَّا لِلَّهِ وَلَا الصِّيَامُ إلَّا لِلَّهِ، وَلَا الْحَجُّ إلَّا إلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَلَا الدُّعَاءُ إلَّا لِلَّهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: ٣٩] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف: ٤٥] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute