الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ، صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ، وَعَلَيْهَا صِيَامُ نَذْرٍ، قَالَ: أَرَأَيْت إنْ كَانَ عَلَى أُمِّك دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكَانَ يُؤَدَّى ذَلِكَ عَنْهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: فَصُومِي عَنْ أُمِّك» . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إنَّ أُخْتِي مَاتَتْ، وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ. قَالَ: أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أُخْتِك دَيْنٌ أَكُنْت تَقْضِيهِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ فَحَقُّ اللَّهِ أَحَقُّ» . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ بْنِ حَصِيبٍ عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إنَّ أُمِّي مَاتَتْ، وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ. أَفَيُجْزِي عَنْهَا أَنْ أَصُومَ عَنْهَا، قَالَ: نَعَمْ» .
فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ يُصَامُ عَنْ الْمَيِّتِ مَا نَذَرَ، وَأَنَّهُ شَبَّهَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ.
وَالْأَئِمَّةُ تَنَازَعُوا فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يُخَالِفْ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الصَّرِيحَةَ مَنْ بَلَغَتْهُ، وَإِنَّمَا خَالَفَهَا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ عَمْرٍو بِأَنَّهُمْ إذَا صَامُوا عَنْ الْمُسْلِمِ نَفَعَهُ. وَأَمَّا الْحَجُّ فَيُجْزِي عِنْدَ عَامَّتِهِمْ، لَيْسَ فِيهِ إلَّا اخْتِلَافٌ شَاذٌّ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ فَقَالَ: حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّك دَيْنٌ، أَكُنْتِ قَاضَيْته عَنْهَا؟ اقْضُوا اللَّهَ، فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ» . وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: «إنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ» وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ بُرَيْدَةَ «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ، وَلَمْ تَحُجَّ، أَفَيُجْزِي - أَوْ يُقْضَى - أَنْ أَحُجَّ عَنْهَا، قَالَ: نَعَمْ» .
فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ: " أَنَّهُ أَمَرَ بِحَجِّ الْفَرْضِ عَنْ الْمَيِّتِ وَبِحَجِّ النَّذْرِ ". كَمَا أَمَرَ بِالصِّيَامِ. وَأَنَّ الْمَأْمُورَ تَارَةً يَكُونُ وَلَدًا، وَتَارَةً يَكُونُ أَخًا، وَشَبَّهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ بِالدَّيْنِ، يَكُونُ عَلَى الْمَيِّتِ. وَالدَّيْنُ يَصِحُّ قَضَاؤُهُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute