للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الْحَدِيثُ أَوْ نَحْوُهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ «الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ» ، وَكَذَلِكَ مَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ قَوْلَهُ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: ٧] إلَى قَوْلِهِ {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: ٧] ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ» .

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ أَوْ السُّنَّةُ نَهَى عَنْ مَعْرِفَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَدْخُلُ فِيمَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أُصُولِ دِينِ اللَّهِ، فَهَذَا لَا يَكُونُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ نُنْهَى عَنْ بَعْضِ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، مِثْلُ مُخَاطَبَةِ شَخْصٍ بِمَا يَعْجِزُ عَنْهُ فَهْمُهُ فَيَضِلُّ، كَقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: مَا مِنْ رَجُلٍ يُحَدِّثُ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إلَّا كَانَ فِتْنَةً لِبَعْضِهِمْ، وَكَقَوْلِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، وَدَعُوا مَا يُنْكِرُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَوْ مِثْلُ قَوْلِ حَقٍّ يَسْتَلْزِمُ فَسَادًا أَعْظَمَ مِنْ تَرْكِهِ، فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ: إذَا قِيلَ بِالْجَوَازِ، فَهَلْ يَجِبُ؟ وَهَلْ نُقِلَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَا يَقْتَضِي وُجُوبَهُ؟ فَيُقَالُ: لَا رَيْبَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُؤْمِنَ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ إيمَانًا عَامًّا مُجْمَلًا، وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَعْرِفَةَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ عَلَى التَّفْصِيلِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي تَبْلِيغِ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ، وَدَاخِلٌ فِي تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَعَقْلِهِ وَفَهْمِهِ، وَعِلْمِ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ، وَحَظِّ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ إلَى الْخَيْرِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>