للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ» . وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمْ» وَقَالَ ذَلِكَ لِعَشِيرَتِهِ الْأَقْرَبِينَ.

وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: «غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبِلَالِهَا» فَبَيَّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا هُوَ مُوَافِقٌ لِكِتَابِ اللَّهِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ، وَأَمَّا الْجَزَاءُ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، فَهُوَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [النور: ٥٤] وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ بَلَّغَ الْبَلَاغَ الْمُبِينَ، قَدْ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَشْهَدَ اللَّهَ عَلَى أُمَّتِهِ أَنَّهُ بَلَّغَهُمْ، كَمَا جَعَلَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَقُولُ: «أَلَا هَلْ بَلَغْتُ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَرْفَعُ إصْبَعَهُ إلَى السَّمَاءِ، وَيَنْكُبُهَا إلَيْهِمْ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ.

وَأَمَّا إجَابَةُ الدَّاعِي، وَتَفْرِيجُ الْكُرُبَاتِ، وَقَضَاءُ الْحَاجَاتِ، فَهَذَا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ.

وَلِهَذَا فَرَّقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ بَيْنَ مَا فِيهِ حَقٌّ لِلرَّسُولِ، وَبَيْنَ مَا هُوَ لِلَّهِ وَحْدَهُ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: ٥٢] فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ مَا يَسْتَحِقُّهُ الرَّسُولُ مِنْ الطَّاعَةِ، فَإِنَّهُ {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠] .

وَأَمَّا الْخَشْيَةُ وَالتَّقْوَى فَجُعِلَ ذَلِكَ لَهُ سُبْحَانَهُ وَحْدَهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: ٥٩] فَجَعَلَ الْإِيتَاءَ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ. كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>