قُبُورًا» يَعْنِي: أَنَّ الْقُبُورَ مَوْضِعُ الْمَوْتَى، فَإِذَا لَمْ تُصَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ وَلَمْ تَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهَا كُنْتُمْ كَالْمَيِّتِ، وَكَانَتْ كَالْقُبُورِ، فَإِنَّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَاَلَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ كَمَثَلِ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ» . وَفِي لَفْظٍ: «مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ، وَاَلَّذِي لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ» .
وَأَمَّا سُؤَالُ السَّائِلِ: هَلْ يَتَكَلَّمُ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ؟ فَجَوَابُهُ: أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ، وَقَدْ يَسْمَعُ أَيْضًا مَنْ كَلَّمَهُ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّهُمْ يَسْمَعُونَ قَرْعَ نِعَالِهِمْ» . وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ: «أَنَّ الْمَيِّتَ يُسْأَلُ فِي قَبْرِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: مَنْ رَبُّك؟ وَمَا دِينُك؟ وَمَنْ نَبِيُّك؟ فَيُثَبِّتُ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فَيَقُولُ: اللَّهُ رَبِّي. وَالْإِسْلَامُ دِينِي وَمُحَمَّدٌ نَبِيِّي - وَيُقَالُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ» .
«وَهَذَا تَأْوِيلُ قَوْله تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم: ٢٧] . وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ» . وَكَذَلِكَ يَتَكَلَّمُ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ: آهْ آهْ لَا أَدْرَى سَمِعْت النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْته، فَيُضْرَبُ بِمِرْزَبَّةٍ مِنْ حَدِيدٍ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الْإِنْسَانُ. وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ، أَنَّهُ قَالَ: «لَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَسَأَلْت اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ عَذَابَ الْقَبْرِ مِثْلَ الَّذِي أَسْمَعُ» . وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ نَادَى الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ لَمَّا أَلْقَاهُمْ فِي الْقَلِيبِ، قَالَ: مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ» . وَالْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ مُنْتَشِرَةٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute