«مَنْ ادَّعَى إلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» .
بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعْدٍ وَأَبِي بَكْرَةَ، أَنَّهُمَا سَمِعَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ ادَّعَى إلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ» .
وَثَبَتَ مَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ادَّعَى إلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ إلَّا كَفَرَ، وَمَنْ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ، وَمَنْ رَمَى رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ عَدُوُّ اللَّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا جَارَ عَلَيْهِ» .
وَهَذَا تَغْلِيظٌ عَظِيمٌ يَقْتَضِي أَنْ يُعَاقَبَ عَلَى ذَلِكَ عُقُوبَةً عَظِيمَةً يَسْتَحِقُّ فِيهَا مِائَةَ سَوْطٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَأَيْضًا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى الشُّهُودِ وَأَوْقَعَتْهُمْ فِي الْعُقُودِ الْبَاطِلَةِ، وَنَكَحَتْ نِكَاحًا بَاطِلًا، فَإِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ: النِّكَاحُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ بَاطِلٌ، يُعَزِّرُونَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ اقْتِدَاءً بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ.
بَلْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يُقِيمُونَ الْحَدَّ فِي ذَلِكَ بِالرَّجْمِ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ جَوَّزَ النِّكَاحَ بِلَا وَلِيٍّ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْمَدِينَةِ، فَلَمْ يُجَوِّزْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ دَعْوَى النَّسَبِ الْكَاذِبِ وَإِقَامَةِ الْوَلِيِّ الْبَاطِلِ، فَكَانَ عُقُوبَةُ هَذِهِ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَعَاقَبَ أَيْضًا عَلَى كَذِبِهَا، وَكَذَلِكَ الدَّعْوَى أَنَّهُ كَانَ زَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا، وَيُعَاقَبُ الزَّوْجُ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهَا يُعَاقَبُ عَلَى هَذَيْنِ الرِّيبَتَيْنِ.
وَأَمَّا الْمُعَرِّفُونَ بِهِمْ يُعَاقَبُونَ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ بِالنَّسَبِ لَهَا وَالتَّزْوِيجِ وَالتَّطْلِيقِ وَعَدَمِ وَلِيٍّ حَاضِرٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُبَالَغَ فِي عُقُوبَةِ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute