للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ظني، ولولا تقدير هذا المدلول عليه بالاقتضاء لكان الكلام كذبًا لأنه سلَّم من ركعتين، وهو -صلى اللَّه عليه وسلم- يستحيل في حقه الكذب.

ومن أمثلته أيضًا حديث: "رُفِعَ عن أُمتي الخطأ والنسيان وما اسْتكرِهوا عليه" (١). فالمدلول عليه بالاقتضاء هو المؤاخذة لأنها هي المرفوعة، أما نفس الخطأ والنسيان والاستكراه فليس شيءٌ منها مرفوعًا لوقوعها كُلِّها في الأمة، فلولا تقدير المقتضي لكان الكلام كذبًا.

ومثال التوقف عقلًا: سؤال القرية والعير في قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} [يوسف/ ٨٢]، هكذا مَثَّل بهذا كثير من الأصوليين، والظاهر أن العقل لا يمنع ذلك، وإنما مَثَّلوا به جريًا على العادة.

ومثال التوقف على المقتضي شرعًا: الأمر بالصلاة فإنه يدل بالاقتضاء على الأمر بالطهارة، لأنها لا تصح شرعًا دونها. وقوله: {حُرِّمَتْ


(١) الحديث بهذا اللفظ يكثر دورانه في كتب الفقهاء والأصوليين، وقد نفى جماعة من الحفاظ وجود هذا اللفظ، لكن ذكر ابن عبد الهادي وابن حجر أنهما وجداه بلفظه في "فوائد أبي القاسم التيمي". انظر "نصب الراية": (٢/ ٦٤)، و"التلخيص": (١/ ٣٠١ - ٣٠٢).
وقد جاء الحديث بألفاظ أخرى عن جماعة من الصحابة، أحسنها من حديث ابن عباس بلفظ: "إن اللَّه تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان. . ". أخرجه ابن حبان "الإحسان": (١٦/ ٢٠٢)، والدارقطني: (٤/ ١٧٠)، والبيهقي: (٧/ ٣٥٦) وغيرهم. والحديث صححه ابن حبان وحسَّنه النووي في "الروضة": (٨/ ١٩٣). وانظر حاشية "تنبيه الرجل العاقل": (٢/ ٤٨٨ - ٤٨٩).