للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

آخذه من عِظَم الجناية في القتل وإنما أخذته من أن القتل له عقوبة أخرى أعظم من الكفارة وهي القصاص. وكأنْ يقول الشافعي مثلًا: قولي بأن البيع في المحقَّرات لا ينعقد بالمعاطاة لم آخذه من وجود الرضا، وإنما أخذته من عدم وجود الصيغة. وكأن يقول المالكيُّ: قولي بانعقاد البيع بالمعاطاة مطلقًا لم آخذه من عدم الصيغة، وإنما أخذته من وجود الرضا الذي هو مناط انعقاد البيع كما يشير إليه قوله تعالى {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء/ ٢٩].

٧٩٩ - والخُلْفَ للنصِّ أو إجماعٍ دعا ... فسادَ الاعتبار كُلُّ من وَعى

يعني أن من القوادح نوعًا يسمَّى فسادَ الاعتبار، وهو مخالفة الدليل لنصٍّ من كتاب أو سنة، فكل دليل خالفَ النصَّ فهو مقدوح فيه بالقادح المُسمَّى فسادَ الاعتبار. ومثاله: قول من يمنع القرض في الحيوانات: لا يجوز لعدم انضباطه قياسًا على المختلطات. فيقول من يرى جوازه: هذا معترَضٌ بما ثبت في "صحيح مسلم" (١): من أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- استسلف بَكْرًا وردَّ رَباعيًّا، وقال: "إن خيار الناس أحسنهم قضاءً". ومن أمثلته: قول من يرى منع غسل الزوج لزوجته بعد الموت: لا يجوز لحُرْمة النظر إليها قياسًا على الأجنبية، فيُعْتَرض بأنه مخالف للإجماع السكوتي في غَسْل عليٍّ فاطمةَ رضي اللَّه عنهما، فإنَّ هذا الإجماع السكوتي يقدح في ذلك الدليل. وقوله: "دعا" معناه سُمّي، وقوله: "كلُّ" فاعل "دعا"، ومُرَادُهُ بـ "منْ وَعى" من حَفِظ علمَ الأصول.


(١) رقم (١٦٠٠) وقد تقدم.