والنوع الثاني -الذي هو غير التام من الاستقراء-: هو أن يكون ثبوت الحكم في الكلِيّ بواسطة إثباته بالتتبع في بعض الجزئيات الخالي عن صورة النّزاع، ولكن يشترط فيه أن يكون ثبوت الحكم للبعض يفيد ظن عموم الحكم، ولو كان البعض المستقرأ أقلَّ على التحقيق.
ومثاله: ما ذكره الشافعي (١) وغيره من أن أقل سِنين الحيض تسع سنِين، وأن أقلَّه يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر ونحو ذلك، فقد صرح علماء الشافعية بأنَّ مستند الشافِعيّ في جميع ذلك هو الاستقراء، ومعلوم أن الشافعي لم يستقرئ من حال نساء العالم إلَّا النَّزْرَ القليل بالنسبة لما لم يستقرئ، وقوله:"يُسمَى لحوق الفرد" يعني أن الاستقراء الناقص يسميه الفقهاءُ: إلحاقَ الفرد بالأغلب، وما مشى عليه المؤلِّف في تعريف الاستقراء هو اصطلاح المنطقيين، وهو عند الأصوليين: الاستدلال بحال ما عدا صورة النزاع من الجزئيات المعلوم بالتتبع على صورة النزاع. وقوله:"إلى الظن انتسب" يعني أن الاستقراء الناقصَ دليل ظنِّيٌّ.
٨٢٥ - ورجّحَنَّ كونَ الاستِصْحاب ... للعدمِ الأصليِّ من ذا الباب
٨٢٦ - بعدَ قُصارى البحثِ عن نصٍّ فلَمْ ... يُلْفَ وهذا البحثُ وَفْقا منحَتِمْ
يعني أن الراجح عند المالكية كون استصحاب العدم الأصلِيّ من ذا الباب، يعني باب الاستدلال فهو حجة. والمراد بالعدم الأصلِيّ: انتفاءُ الأحكام الشرعية في حق الأمة قبل بعث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لقوله تعالى: {وَمَا