للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحكم المعيَّن قطعيًّا ولا ظنيًّا، أي ليس بينه وبين شيء ارتباط حتى يدل عليه بل هو كدَفِيْنٍ يُعْثَر عليه، والنصوص أسباب عادية للمصادفة كالمشي إلى محل الدفين، ولا يخفى سقوط هذا القول. والضمير في "مذهبه" عائد إلى "مالك"، و"معيَّن" بصيغة اسم المفعول، و"يبيِّن" بالبناء للفاعل.

٩٤٠ - مخطِئه وإن عليه انحَتَما ... إصابةٌ له الثواب ارْتَسَما

يعني أن المجتهد إذا أخطأ ذلك الحكم المعيَّن يثبت له الثواب الذي هو الأجر لبذله الوُسْع في طلبه، وقد نصَّ على هذا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قوله: "إذا اجتهد الحاكمُ فأصابَ فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجرٌ واحد" (١).

وقوله: "وإن عليه انحتما إصابة" يعني أن الأجرَ ثابتٌ للمجتهد المخطئ ولو على القول القائل بأنه تجب عليه إصابة الحكم المعيَّن لإمكانها بالدليل المشار إليه بقوله: "له على الصحيح ما يبيِّن"، وأحرى في ثبوت الأجر له إذا مشينا على القول بأن المجتهد لا تجب عليه إصابة الحكم لغموضه.

فإن قيل: لِمَ كان المجتهد المخطئ في الفروع لا يأثم والمجتهد المخطئ في العقليات يأثم (٢)؟


(١) أخرجه البخاري رقم (٧٣٥٢)، ومسلم رقم (١٧١٦) من حديث عمرو بن العاص -رضي اللَّه عنه-.
(٢) إن قصد بالأمور العقلية مسائل الأصول -المقابلة للفروع- فالصحيح أنه لا فرق بينها إذا استفرغ المجتهد وسعه في إصابة الحق. انظر "مجموع الفتاوى": (٢١/ ٣٣ - ٣٦, ١٢/ ٤٩٢ - ٤٩٣).