للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سواء في ذلك، وليس كذلك؛ لأن حَمْل المطلق على المقيد فيما إذا اتحد الحكم واختلف السبب قال به جُلُّ الشافعية والحنابلة وكثير من المالكية. ومثاله: إطلاق كفارة الظهار واليمين عن قيد الإيمان، وتقييد كفارة القتل خطأ به، فيُحْمَل المطلق على المقيد، فيشترط الإيمان في رقبة الظهار وكفارة اليمين، ويدلُّ لذلك قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لمعاوية بن الحكم السلمي: "اعتقها فإنها مؤمنة" (١) ولم يستفصله، وتَرْكُ الاستفصال كالعموم في الأقوال، كما تقدم للمؤلف.

واخْتُلِف في دليل حَمْل المطلق على المقيَّد فقيل: هو اللغة لأن العرب يثبتون ويحذفون اتكالًا على المثبت، كقول قيس بن الخطيم (٢):

نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راضٍ والرأيُ مختلفُ

وقول ضابئ بن الحارث البُرْجُمي (٣):

فمنْ يَكُ أمسى بالمدينةِ. . . ... . . . . . . . . . . البيت

وقول عمرو بن أحمر الباهلي (٤):

رماني بأمرٍ كنت منه ووالدي ... بريئًا ومن أجل الطَّوِيِّ رماني

فحذف من الأول "راضون" لدلالة "راض" عليه، وحذف من الثاني


(١) أخرجه مسلم رقم (٥٣٧).
(٢) "ديوانه": (ص/ ١٧٣) وقد نُسِبَ في مصادر أخرى إلى عَمْرو بن امرئ القيس.
(٣) البيت في "الأصمعيات" (ص/ ١٨٤)، وانظر: "الخزانة": (١٠/ ٣١٢). وتمامه:
فمَن يَكُ أَمسى بالمدينَهِ رَحلُهُ ... فَإِنِّي وَقَيَّارٌ بِها لغَريبُ
(٤) البيت في "إصلاح المنطق": (ص/ ٨٨)، و"شرح الحماسة": (٢/ ٩٣٦) للمرزوقي.