للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فائدتين من فوائدها (١):

الأولى: علم امتناع القياس على محل معلولها حيث يشتمل على وصف آخر متعدٍّ، وهذا مراده بقوله: "ليعلم امتناعه". وإيضاحُه: أن الوصفَ المتعدِّي في معلولها يعارض بها فيتوقف عن القياس لأجل تلك المعارضة، إذ يجوز أن تكون العلة مركبة من كلا الوصفين وحينئذ فلا تعدية؛ لأن المركبَ من متعدٍّ وغيرِ متعدٍّ غيرُ متعدٍّ، إذ لا يوجد في الفرع إلا بعض العلة الذي هو جزؤها المتعدِّي والعلة يُشترط وجودها في الفرع بتمامها، كما تقدم في قوله: "وجود جامع به متمَّمًا شرطٌ" (٢).

فإن قلت: يجوز أن يكون الوصف القاصر والمتعدي كل واحد منهما علة مستقلة.

قلنا: تسقط العلية بالاحتمال.

فإن قيل: التعدية كافية في ترجيح استقلال المتعدي على كونه جزءًا.

قلنا: هو هنا معارَض بمرجح آخر لكونه جزءًا، وذلك المرجِّح هو أن اجتماع علتين خلاف الغالب، وموافقة الغالب من المرجِّحات، فيعارض الترجيح بالترجيح فيلزم التوقف عن القياس كما قال المؤلف.

ومثال ما ذكرنا: تعليل طهورية الماء بالرِّقة واللطافة ولا يوجد ما يماثل الماء فيها حتى يتعدَّى ذلك الوصف إليه، فهذه علة قاصرة على الماء. فلو عللها مستدلٌّ آخرُ بالإزالة لكل ما يُستقذر، وهذا الوصف متعدٍّ


(١) انظرهما في "النشر": (٢/ ١٣٣ - ١٣٤). وذكر غيرها من الفوائد.
(٢) البيت رقم (٦٥٤).