للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وزعم ابن السبكي أن هذا هو التحقيق (١)، والذي يظهر أنَّه خلاف التحقيق، وأن الإنسان مكلف بالفعل قبل الشروع فيه، مأمورٌ بأن يباشره، وهذا مبنيٌّ على قاعدة قررها المتكلمون من الأشاعرة وغيرهم، وهي قاعدة باطلة بالعيان لا دليل عليها يجب الرجوع إليه من عقل ولا سمع، وهي قولهم: إن العرض لا يبقى زمانين لاستحالة ذلك، فالقدرةُ على الفعل عندهم عَرَض وبقاءُ العَرَض عندهم زمانين محال، فلو تقدمت على وجود الفعل لعدمت عند وجوده فلا يكون متعلقًا لها لانْعِدَامها. فليزم على هذا الأصل الباطل أن الأمر إنما يتعلق بالفعل تعلق إلزام حال حدوثه لا قبله.

١١٩ - وهِيَ في فرضِ الكفايةِ فهلْ ... يسقطُ الاثم بشروعٍ قد حَصَلْ

قوله: "وهي" يعني به ثمرة الخلاف في الأمر هل ينقطع بالمباشرة أو لا ينقطع إلَّا بتمام الفعل؟ والمعنى أنَّه على القول بانقطاعه بالمباشرة يسقط الإثم في فرض الكفاية عن الجميع بمباشرة البعض له، وعلى القول الآخر لا يسقط ذلك إلَّا بإتمام فرض الكفاية.

١٢٠ - للامتثال كلَّفَ الرَّقيبُ ... فموجِبٌ تمكُّنًا مصيبُ

١٢١ - أو بينَهُ والابتلا تردَّدا ... شرطُ تمكِّنٍ عليه انفقدا

يعني أنَّه اختلف في فائدة التكليف فقيل: هي الامتثال فقط، وقيل: هي تارة تكون الامتثال وتارة تكون الابتلاء أعني الاختبار، هل يعزم ويهتم بالفعل فيثاب، أو يعزم على الترك فيعاقب؟ فعلى الأول


(١) انظر: "جمع الجوامع - مع حاشية البناني": (١/ ٢١٧).