قياس الأول ووجوب التعزير في قياس الثاني خلافان لا نقيضان ولا ضدَّان، وضابط الخلافين أنهما متنافيان في حد ذاتيهما لا يستحيل اجتماعهما في ذات ثالثة كالسواد والحلاوة والبياض والبرودة.
وقوله:"وادفع بترجيح لذا المعترض" يعني أن المعارض بنقيض الحكم في الفرع أو ضده تدفع معارضته بكون وصف المستدل أرجح من وصفه، ككونه قطعيًّا ووصف المعارض ظنيًّا، أو كون مسلكه أقوى وغير ذلك من مرجِّحات القياس، وقوله:"لذا المعترض" مفعول "ادفع" واللام زائدة، والكلام على حذف مضاف أي ادفع اعتراض (١). . . إلخ.
٦٥٩ - وعدم النصِّ والاجماع على ... وفاقه أوجبَهُ من أصَّلا
يعني أن من أصَّلَ منع الدليلين على مدلول واحد أي جعله أصلًا مطَّرِدًا يشترط في القياس أن لا يوجد نصٌّ ولا إجماع على حكم الفرع؛ لأنه إذا قام عليه دليل استغنى به عن القياس، والكلام في نص يختص بالفرع، أما النص الذي يشمله مع الأصل فقد تقدم في قوله:"وحيثما يندرج الحكمان" البيت، أما عند من لم يمنع دلالة دليلين على شيء واحد فلا يشترط في القياس عدم دليل موافق له لأن القياس دليل ثان عليه، وهو مذهب الأكثر، وحجة المانعين أنه لا حاجة إلى القياس مع وجود النص وقد عرفت أنه لا مانع من ترادف الأدلة.