للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المفسدة متمَحِّض في منع ما يزيل العقل المطلوب حفظه، مع أن الإسكار الذي هو الوصف جاء في الحديث مقترنًا بالحكم الذي هو كونه حرامًا، وتعليل الحرمة بالإسكار سالم من جميع القوادح، فتمت فيه الأمور الثلاثة التي يُستخرج بها مسلك المناسبة.

فإن قيل: سلامة الوصف من القوادح في العلية (١) شرطٌ في كل مسلك فما وجه ذكرها في خصوص هذا المسلك؟

فالجواب: أن السلامة من القوادح قَيْد في تسمية هذا المسلك بتخريج المناط أو المناسبة فهي جزء من تعريف هذا المسلك بحسب الواقع. وإيضاحه: أن السلامة من القوادح جزء من مسمى هذا المسلك، وهي بالنسبة إلى غيره من المسالك شرط خارج عن المسمى.

واعلم أن الاقتران المذكورَ بين الوصف والحكم معتبر في كون الوصف المناسب علة لا في كونه مناسبًا، وقولنا فيما سبق بإبداء المناسبة للاحتراز من تعيين العلة بالطَّرْد أو الشَّبَه أو الدوران كما قاله ابن حلولو (٢) في نظيره.

فإن قيل: الحديث الذي مثَّلْتم به للمناسبة من أمثلة الإيماء، لأن الحكم فيه بالتحريم مرتَّب على وصف الإسكار، وقد قال المؤلف في صُوَرِ الإيماء: "ترتيبه الحكم عليه" إلخ.

فالجواب: أن في الحديث المناسبة من الجهة التي ذكرنا، وفيه


(١) ط: العلة.
(٢) في "الضياء اللامع": (٢/ ٣٥٥).