للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تخصيص بعد العمل، لأن آية: {وَلَا تَأْكُلُوا} من سورة الأنعام وهي مكية بالإجماع، وآية: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} من سورة المائدة وهي من آخر القرآن نزولًا بالإجماع بالمدينة، فهذا التخصيص بعد العمل نسخ، ودليل ذلك أن التخصيص بيان، والبيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة إليه كما يأتي للمؤلف (١).

٤٣١ - وإن يكُ العمومُ من وجهٍ ظَهَرْ ... فالحكمُ بالترجيحِ حتمًا مُعْتَبرْ

يعني أن الدليلين إذا كان بينهما عموم وخصوص من وجه يظهر تعارضهما في الصورة التي يجتمعان فيها، فيجب الترجيح بينهما، ويجب العمل بالراجح إجماعًا، وخلافُ الباقلاني في وجوب العمل بالراجح مردود عليه بالإجماع كما يأتي للمؤلف في آخر الكتاب (٢).

ومثال ذلك: قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء/ ٢٣] مع قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون/ ٦] فإن بينهما عمومًا وخصوصًا من وجه، تنفرد آية: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} في الأختين بنكاح، وتنفرد آية {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} في ملك اليمين غير الأختين، ويجتمعان في الأختين بملك اليمين، فتدل آية: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} على التحريم، وآية {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} على الإباحة كما قال عثمان رضي اللَّه عنه: أحلتهما آية وحرمتهما أخرى (٣)،


(١) البيت رقم (٤٦١).
(٢) البيتان (٨٦٥، ٨٦٦).
(٣) أخرجه مالك في "الموطأ" رقم (١٥٤٣)، وعبد الرزاق: (٧/ ١٨٩).