للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النصِّ مطلقًا مستدلًا بقوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا} إلى قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ} [الحشر/ ٣ - ٤].

فصرح بأن علةَ ما وقع لبني النضير هو مشاقتهم اللَّهَ والرسولَ، وقد فعل ذلك غيرُ بني النضير، فلم يقع لهم مثل ما وقع لهم، والله أعلم.

قال مقيده عفا اللَّه عنه: الذي يظهر أن عدم الإنذار عُذْرٌ، وأن اللَّه يمتحنهم يوم القيامة، فمن أطاع اللَّه فهو الذي كان يُصَدِّق الرسلَ لو جاءته في دار الدنيا فيرحمه اللَّه، ومن عصى اللَّه فهو الذي كان يكذِّب الرسلَ لو جاءته في دار الدنيا فيعذبه اللَّه وهو أعلم، لأن هذا ورد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (١). والذي يقدح فيه يقول: الآخرة دار جزاء لا دار ابتلاء، والكتاب والسُّنَّة دلَّا على التكليف فيها في الجملة، كقوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢)} [القلم] وكالرجل الذي يأخذ اللَّه عليه العهود والمواثيق ألا يسأله غير ما أعطاه شيئًا ثم سأله بعد ذلك (٢)، والعلم عند اللَّه تعالى.

٢٩ - ثم الخطابُ المقتضي للفعلِ ... جزمًا فإيجابٌ لدى ذي النّقل

٣٠ - وغيره النَّدب وما التركَ طلَبْ ... جزمًا فتحريمٌ له الإثم انتسب


(١) انظر للمسألة والأحاديث الواردة فيها "تفسير ابن كثير": (٥/ ٢٠٧١ - ٢٠٧٨)، و"طريق الهجرتين": (ص/ ٦٨٦ - ٧١٠)، و"مجموع الفتاوى": (٤/ ٣٢١)، و"فتح الباري": (٣/ ٢٩٠ - ٢٩١).
(٢) يعني الرجل الذي يكون آخر أهل الجنة دخولًا، وقصته أخرجها البخاري رقم (٨٠٦)، ومسلم رقم (١٨٢) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.