مذهبه فيقول: صدقت في نفيه لكنه ليس مبنى مذهبي فلا ينتفي مذهبي بنفيه.
ومثاله: قول المالكي وغيره ممن يرى القصاص في القتل بالمُثَقَّل: التفاوتُ في الوسيلة من آلات القتل لا يمنع القصاص، قياسًا على المتوسَّل إليه فإنه لا يمتنع فيه القصاص بالتفاوت، فيقع القصاص في القتل وفيما هو دونه كالقطع، فلا فرق بين القتل بقطع عنق أو قطع عضو آخر، وكذلك لا فرق في قطع العضو بين حَزِّه من جهة واحدة أو جهتين أو غير ذلك.
فيقول الحنفيُّ: إنَّا نقول بموجب دليلك ونسلِّم أن التفاوت في الوسيلة لا يمنع القصاص، ولكن كونه لا يمنع القصاص ليس مستندي في عدم القصاص، ولكنَّ مستندي غيره وهو أن القتل بالمثقَّل شِبْه عمد لا قَتْل عمد، لأن العمد من أفعال القلوب فلا يتحقق كون القتل عمدًا إلَّا بآلته المعهودة له كالسلاح المحدَّد، فهذا القول بالموجَب وقع على نفي وهو قول المالكي مثلًا: لا يمنع القصاص في المثال المذكور، وغالب القول بالموجب من هذا، وهذا هو مراده بقوله:"يجيءُ في النَّفْي".
الثاني: الثبوت، وضابطه أن يستنتج المستدل من الدليل أَمرًا يتوهم أنه محلُّ النزاع أو ملازمه، فيقول له الخصم: هذا الأمر الذي استنتجت ليس محل النزاع ولا ملازمًا له.
ومثاله: قول المالكي أو الشافعيّ: القتل بالمثقل قتلٌ بما يَقْتل غالبًا فلا ينافي القصاصَ فيجب فيه القصاص قياسًا على الإحراق بالنار.
فيقول الحنفيُّ: قلنا بموجبه وسلَّمنا أنه لا ينافي القصاص ولكن كونه لا ينافي القصاص ليس هو محلَّ النزاع، بل محل النزاع وجوب