الثاني: تعدي وصف المستدل الذي اختاره للتعليل وكون غيره من أوصاف المحل غيرُ معتدٍّ، لأن تعدية الحكم محله أكثر فائدة من قَصْره عليه فالمتعدِّي أرجحُ من القاصر.
٧٠١ - ثمَّ المناسبة والإخَاله ... من المسالكِ بلا استحاله
٧٠٢ - ثم بتخريج المناطِ يشتهرْ ... تخريجُها وبعضهم لا يَعتبِرْ
يعني أن المسلك الخامس من مسالك العلة هو المسمى بالمناسبة والإخالة، فالمناسبة في اللغة: الملاءمة والمقاربة، وسيأتي قريبًا تعريفها اصطلاحًا للمؤلف. وسُمِّي هذا المسلك مناسبةً لمناسبة الوصف المعلَّل به فيه للحكم كما يأتي، وسُمِّيت (١) إخالة لأن الناظر فيه يَخال -أي يظن- عِلِّيَّة الوصف.
وهذا المسلك الذي هو المناسبة سمَّاه بعضُهم: تخريج المناط، والمناطُ العلةُ أي تخريج العلة واستنباطها، ولا مخالفة لأن المناسبة هي دليل العلة، واستخراجُها هو إقامة الدليل، وإضافةُ الحكمِ إِلى كلٍّ من الدليل وإقامته لا بأس فيها، وظاهر المؤلِّف أن المسمَّى بتخريج المناط هو تخريج المناسبة بما يأْتي، وقد عرفتَ أنه لا مانع من تسمية هذا المسلك بالمناسبة وبتخريج المناط.
وقوله:"وبعضهم لا يعتبر" يعني به الظاهرية فإنهم أنكروا ثبوتَ