للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فآية الظهار تعم كلَّ مُظاهر، وآية اللعان تعم كل ملاعن، وهكذا. . وإن نزلت في أسبابٍ خاصة.

والدليل على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب: قصةُ الأنصاري الذي نال بعض ما لا يجوز من امرأة أجنبية فلما سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنزل اللَّه فيه: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود/ ١١٤] فسأل ذلك الأنصاريُّ: هل ذلك خاص به؟ فبيَّن له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه عامٌّ بقوله: "بل لأمتي كلهم" (١) فكان فيه الدليل الصريح على أن العبرة بعموم {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ. . .} الآية لا بخصوص الأنصاري الذي هو سبب النزول.

الثالثة: ذِكْر بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصِّصه على التحقيق، وهو مذهب الجمهور ولم يخالف فيه إلَّا أبو ثور، زاعمًا أنه لا فائدة لذكره إلَّا التخصيص. وأُجيب من جهة الجمهور بأنه مفهوم لقب وهو ليس بحجة، وبأن فائدة ذكَر البعض نفي احتمال إخراجه من العام.

وسواء ذُكِرا في نص واحد أو ذُكِر كل منهما على حِدَته، فمثال ذكرهما في نص واحد قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة/ ٢٣٨] فذِكْر الصلاة الوسطى لا يقتضي تخصيصَ الأمر بالمحافظة بها بل هو عام في جميع الصلوات. ومثال ذكر كل منهما على حدة: حديث الترمذي (٢) وغيره: "أيُّما إهابٍ دُبغَ فقد طَهُر". مع حديث


(١) أخرجه البخاري رقم (٤٦٨٧)، ومسلم رقم (٢٧٦٣) من حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-.
(٢) رقم (١٧٢٨)، وأخرجه مسلم رقم (٣٦٦) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه =