يعني أنه إذا عدَّل الراوي جماعةٌ وجرَّحه آخرون فلذلك ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون المُجَرِّح أكثر عدَدًا.
الثانية: أن يكون المعدِّل أكثر عددًا.
الثالثة: أن يستويا.
فإن كان المُجَرِّح أكثر عددًا قُدِّم بلا خلاف، وهو مراده بقوله:"والجرح قدم" البيت. وإن كان المعدِّل أكثر أو استويا قُدِّم المجرِّح أيضًا على الراجح؛ لأن المجرِّح اطلع على ما لم يطلع عليه المعدِّل وهو مراد المؤلف بقوله:"وغيره وهو". وقيل: يصار إلى الترجيح في هذين القسمين الداخلين تحت قوله: "وغيره وهو" وهما إذا كثر المعدِّل أو تساويا. والمَيْن: الكذب، ودخول الكاف على ضمير الرفع شاذ.
٥٧٧ - كلاهما يُثْبِتُه المُنْفَرِدُ ... ومالكٌ عنه رُوِي التَّعَدُّد
الضمير في قوله:"كلاهما" راجع إلى الجرح والتعديل، يعني أنه يثبت كل واحد منهما بعدل واحد، ورُوِي عن مالك اشتراط التعدد في الشاهد (١)، كما قال ابن عاصم في "التحفة":
(١) ذكر الأبياري في "شرح البرهان" أنه لم يعثر لمالك على نص في اشتراط التعدد بخصوص الرواية، وإن كان قياس مذهبه اشتراطها كما في الشهادة. انظر: "أصول فقه مالك": (٢/ ٦٥٨ - ٦٥٩).