يعني أن الذي كلفنا به الشارع هو الكف بمعنى الترك والانتهاء، أي صَرْف النفس عن المنهي عنه، وذلك فعل يحصل بفعل الضد للمنهي عنه [فـ]ـالمقصود بالذات هو الانتهاء، وأما فعل الضد فقد يُقْصَد بالالتزام وقد لا يُقصد أصلًا إذا كان المتكلم غافلًا عنه، وذلك لا يتأتَّى في كلام اللَّه تعالى.
١٠٨ - له فروعٌ ذُكِرَتْ في المنْهَجِ ... وسرْدُها من بعدِ ذا البيت يجي
١٠٩ - من شُرْبٍ أو خيطٍ ذكاةٍ فضلِ ما ... وعَمَدٍ رَسْمٍ شهادةٍ ومَا
فقوله:"من شرب" متعلق بالبيت قبله وهو قول صاحب "المنهج"(١):
وهل كَمَن فعل تاركٌ كَمَن ... له بنفعٍ قدرةٌ لكن كَمَنْ
أي له قدرة بنفع كامن من شرب، يعني أن من عنده فضل شراب فلم يعطه مضطرًّا حتى مات يضمن ديته؟ على أن الترك فعل وهو الحق، لا على مقابله فلا ضمان.
وقوله:"أو خيط" يشير إلى مَنْ مَنَع خيطًا من ذي جائفة يخيطها به حتى مات يضمن ديته على أن الترك فعل أيضًا.
(١) (ص/ ٦٩ - مع شرحه إعداد المهج)، والمنهج منظومةٌ في قواعد الفقه المالكي، اسمها "المنهج المنتخب في قواعد المذهب" لأبي الحسن الزقاق (ت ٩١٢ هـ) طبعت قديمًا. انظر "جامع الشروح والحواشي": (٣/ ١٥٠١، ١٩٤٧).