يعني أن النسخ يجوز بلا بدل أصلًا، وهذا قول جمهور الأصوليين، والذي يظهر أن هذا القول باطل لأن اللَّه نصَّ على بطلانه بقوله:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}[البقرة/ ١٠٦]. وما احتجُّوا به من وقوعه باطل أيضًا، وذلك أنهم زعموا أن قوله تعالى:{إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ}[المجادلة/ ١٢] الآية نسخٌ بلا بدل، والتحقيق أنه نسخ ببدل وهو ندبيَّةُ الصدقة.
٤٧٢ - والنسخ مِن قَبْل وقوعِ الفِعْلِ ... جاء وُقوعًا في صحيح النقلِ
يعني أن النسخ قبل وقوع الفعل جائز وواقع في النقل الصحيح، كنسخ ذبح ولد إبراهيم قبل أن يذبحه، كما أشار له تعالى بقوله: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)} [الصافات]، وكنسخ خمسٍ وأربعين صلاة بعد فرضها ليلة الإسراء حتى لم يبق من الخمسين إلا خمس. والحكمةُ في النسخ قبل الفعل الاختبار والابتلاء، كما بينه تعالى بقوله: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣)} إلى قوله: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦)} [الصافات] أي
(١) يعني: "والشيخ والشيخة إذا زنيا. . . " وقد تقدم تخريجه.