للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحاصل أن في تقليد المفضول مع وجود الفاضل ثلاثة أقوال: الجواز والمنع وقد عرفت وجْهَ كلٍّ منهما. الثالث -واختاره السبكي (١) -: وهو جوازه إن اعتقد العاميُّ أنه هو الفاضل أو المساوي. والفرق بينه وبين ما قبله أنه على هذا القول يكتفي بمجرد اعتقاده أرجحيته أو مساواته ولا يجب عليه البحث عن ذلك على الأرجح، بخلاف ما قبله فلابد من البحث على الأرجح ولو كان معتقدًا أفضليته، قاله في "الآيات البينات" (٢).

٩٦٩ - إذا سمعتَ فالإمامُ مالكُ ... صحَّ له الشأوُ الذي لا يُدْركُ

٩٧٠ - للأثر الصحيح مع حُسْن النظَرْ ... في كلِ فَنٍّ كالكتابِ الأثرْ

أي إذا سمعتَ يا طالب العلم هذا القول بوجوب تقليد الأرجح من المجتهدين = فاعلم أن مالكًا رحمه اللَّه ثبت له "الشأو" أي الغاية التي لا يدركها غيره من المجتهدين من التابعين فمن بعدهم من السَّبق في العلم، وقوله: "للأثر الصحيح" يعني للحديث المرفوع الصحيح الذي: هو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يوشك أن يضربَ الناسُ أكبادَ الإبلِ في طلبِ العلمِ ولا يجدون عالمًا أعلمَ من عالمِ المدينة" (٣). مع ما ثبت له رحمه اللَّه من حُسن النظر


(١) "الجمع": (٢/ ٣٩٥).
(٢) (٤/ ٢٦٨).
(٣) أخرجه أحمد: (١٣/ ٣٥٨ رقم ٧٩٨٠)، والترمذي رقم (٢٦٨٠)، وابن حبان "الإحسان" رقم (٣٧٣٦)، والحاكم: (١/ ٩٠)، والبيهقي: (١/ ٣٨٦) وغيرهم من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط =