للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُدْرِك العقلُ من ترتيب الحكم عليه المصلحةَ الباعثةَ، بخلاف المناسبة، فإن العقلَ يُدْرِك فيها ذلك. قالوا: وعدم إدراك العقل لذلك لا يلزم منه خلوُّ تلك الأوصاف عن حكمة.

وبحَثَ في هذا الجواب صاحب "الآيات البينات" (١)، ولا يظهر عندي هذا الجواب كلَّ الظهور لِمَا تقدم من أن عدم ظهور المناسبة من طرق الإبطال في السَّبْر.

٧٠٦ - ثم المناسبُ الذي تَضَمَّنا ... تَرتُّبُ الحكم عليه ما اعْتَنى

٧٠٧ - به الذي شَرَعَ من إبعادِ ... مفسدةٍ او جَلْبِ ذي سَدادِ

يعني أن المناسب هو "الذي تضمن" أي استلزم ترتب الحكم عليه ما اعتنى به الشارع في شرع الأحكام من جلب المصلحة ودفع المفسدة، فمثال جلب المصلحة: وجوب الزكاة فإن علته سدُّ خلة الفقير، وهو جلب مصلحة. ومثال درء المفسدة: الإسكار فإنه علة لتحريم الخمر، والمنع منها يدرء مفسدةَ فساد العقل. والمصلحة هي المنافع واللذَّات ووسائلها، والمفسدة هي المضار والمشقَّات ووسائلها.

وقول المؤلف: "ترتُّبُ" بالرفع فاعل "تضمَّن" ومفعول "تضمَّن" هو "ما" الموصولة في قوله: "ما اعتنى" و"الذي شَرَع" يعني به الشارع، والمراد "جلب ذي سداد" جلب المصلحة، وفي المناسبة أقوال أُخر غير هذا ذكرها صاحب "جمع الجوامع" (٢).


(١) (٤/ ١٢٧ - ط. دار الكتب).
(٢) (٢/ ٢٧٦ - ٢٧٤).