وهو مراد المؤلف بقوله:"والقول بالإجمال فيه مرتضى".
٢١٢ - أجْمَعَ إنْ حقيقةٌ تُماتُ ... على التقدُّمِ له الأثباتُ
يعني أن الأثبات -أي العلماء- أجمعوا على تقديم المجاز على الحقيقة إن أُميتت الحقيقة أي هُجِرت بالكلية، فمن حلف: لا يأكل من هذه النخلة، حَنَث بثمرها دون خشبها الذي هو الحقيقة لأنها مُمَاتة مهجورة.
وقوله:"الأثبات" بفتح الهمزة جمع ثَبَت فاعل "أجمعَ"، و"إن" شرطية، و"حقيقة" نائب فاعل "تُمات" محذوفة دل عليها "تمات" المذكورة، لِمَا تقرَّر من أن أدوات الشرط لا تتولاها إلا الجمل الفعلية، وهو الصحيح عند النحويين خلافًا لبعضهم زاعمًا أن الشرط ربما ولي جملة اسمية، وجعل بعضُهم منه قوله تعالى:{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ}[الإسراء/ ١٠٠] الآية.
٢١٣ - وهو حقيقةٌ أو المَجازُ ... وباعتبارَيْن يجي الجوازُ
يعني أن اللفظ المستعمل في معنى لا يخلو إما أن يكون حقيقة فقط، أو مجازًا فقط، كالأسد للحيوان المفترس أو للرجل الشجاع، ويجوز أن يكون حقيقة ومجازًا معًا باعتبارين كالصوم -مثلًا- فإنه حقيقة لغوية مجاز شرعيّ في كل إمساك، وحقيقة شرعية مجاز لغوي في خصوص إمساك البطن والفرج. وكالدَّابة فإنها حقيقة لغوية مجاز عرفيّ في كل ما دَبّ، حقيقة عرفية مجاز لغويّ في ذوات الحافر مثلًا، وهذا مراده بقوله:"وباعتبارين يجي الجواز".
قال مُقَيّدهُ عفا اللَّه عنه: حَصْر المؤلف اللفظ في الحقيقة والمجاز