للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثالث: كون أحد الراويين سمع من الشيخ من دون حجاب، والآخر سمع منه من وراء حجاب، كخبر القاسم بن محمد عن عائشة: أن بريرة عَتَقت وزوجها عبدٌ (١)، مع خبر الأسود بن يزيد: أنها عَتَقت وهو حرٌّ (٢)، لأن القاسم ابن أخيها يروي عنها من غير حجاب بخلاف الأسود.


(١) أخرجه مسلم رقم (١٥٠٤) وغيره، عن سِماك عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم به.
(٢) أخرجه البخاري رقم (٦٧٥٤) وأصحاب السنن. وقال البخاري عقبه: (قول الأسود منقطع، وقول ابن عباس: رأيته حرًّا أصح) اهـ. قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": (٩/ ٣١٨) ضمن كلامه على رواية الأسود عن عائشة: (حديث الأسود بن يزيد عن عائشة أن زوج بريرة كان حرًّا. . . اختلف فيه على راويه هل هو من قول الأسود أو رواه عن عائشة أو هو قول غيره -كما سأبينه-؟ قال إبراهيم بن أبي طالب -أحد حفاظ الحديث وهو من أقران مسلم فيما أخرجه البيهقي عنه-: خالف الأسود الناسَ في زوج بريرة. وقال الإمام أحمد: إنما يصح أنه كان حرًّا عن الأسود وحده وما جاء عن غيره فليس بذاك، وصح عن ابن عباس وغيره أنه كان عبدًا ورواه علماء المدينة وإذا روى علماء المدينة شيئًا وعملوا به فهو أصح شيء. . .) اهـ الغرض منه.
وقال أيضًا (الفتح: ٩/ ٣٢٢) بعد الكلام على جميع الروايات الواردة في كونه حرًّا أو عبدًا: (فدلت الروايات المفصلة التي قدمتها آنفًا على أنه مدرج -أي قوله كان حرًّا- من قول الأسود أو من دونه فيكون من أمثلة ما أدرج في أول الخبر وهو نادر. . . وعلى تقدير أن يكون موصولًا فترجح رواية من قال: كان عبدًا بالكثرة. وأيضًا فآل المرء أعرف بحديثه فإن القاسم ابن أخي عائشة وعروة ابن أختها وتابعهما غيرهما فروايتهما أولى من رواية الأسود فإنهما أقْعَد بعائشة وأعلم بحديثها واللَّه أعلم) اهـ الغرض منه. وانظر "نصب الراية": (٣/ ٢٠٥ - ٢٠٨).
وهذا المثال ذكره بحروفه الآمدي في "الإحكام": (٤/ ٤٦٨ - ٤٦٩).