للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دون غيرها ولزوم غسلها للمحْدِث ولو نظيفة أمرٌ تعبُّدي لا تظهر فيه حقيقة نتيجة الفعل كظهورها في غير التعبدي.

وكون الوضوء ينظِّف هذه الأعضاء معقول المعنى؛ لأن التنظيف تحصل ثمرته بمجرَّد الفعل، ولذا كان أَبو حنيفة لا يشترط النية في طهارة الحدث قائلًا: إنها كطهارة الخبث، وأن المقصود بالكل النظافة، إلَّا أن الوضوء أجمع المسلمون على جواز تقديمه قبل دخول وقت الصلاة (١)، فهو خارج بالنص، وذلك هو معنى قول المؤلف: "دون نص".

١١٧ - وقال إن الأمر لا يوجَّه ... إلَّا لدى تلَبُّس مُنْتَبِهُ

يعني أن قومًا من الأصوليين لهم انتباه في الفنِّ زعموا أن الأمر لا يتوجَّه إلَّا عند مباشرة الفعل، وكذلك كل الأحكام التكليفية عندهم زاعمين أن القوة المستجمعة لشرائط التأثير لا توجد إلَّا عند المباشرة، لأن المؤثِّر التَّامَّ لا يتخلف عنه أثره، فدلَّ عدم وجودِ الفعل قبل المباشرة على عدم تمام المؤثِّر، والتكليف عندهم لا يتوجَّه إلَّا عند القدرة التامة على التأثير. وإذا قيل لهم: يلزم على هذا أن يترك الإنسان المباشرة فلا يتوجَّه إليه خطابٌ بتكليف أبدًا، أجابوا بأن اللوم المتوجه من عدم مباشرة الفعل قبل التلبس مرتب على التلبس بضده، وهو الكفّ عن الفعل، وهو معنى قول المؤلف:

١١٨ - فاللوم قبله على التلبُّسِ ... بالكفِّ وهْيَ من أدقِّ الأسسُ


(١) انظر "الإجماع ": (ص/ ٣٤) لابن المنذر، و"الإقناع": (١/ ١٩٦) لابن القطان.