للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الذي لا يشوش لا يمنع من القضاء، وأن التشويش بغير الغضب مانع من القضاء أيضًا كما تقدَّم في شرح قوله: "وقد تُخصِّصُ وقد تُعمِّمُ" (١).

وقوله: "فالنصُّ الصريح" يعني أن المسلك الثاني هو النَّصُّ، وظاهر كلامه أن النصَّ بعد الإجماع، لأن العطف بالفاء أو بثُمَّ فيه إشارة إلى أن ما بعده دون ما قبله في القوة فيقدم عليه عند التعارضِ.

ثم مثَّل للنصّ الصريح في العلة بقوله: "مثل لعلة فسببٍ" فأقوى صُوَره: "افعل كذا لعلة كذا" فيلي ذلك: "افعله لسبب كذا"، وأسقط بعضُ الأصوليين هذين المثالين إذ لا يكادان يُوجدَانِ في الكتاب والسنة. فيلي ما ذكر: "مِن أجل ذا" كقوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [المائدة/ ٣٢]. وفي مرتبته: "لأجل ذا" كحديث: "إنما جُعِل الاستئذان لأجل البصر" (٢)، وهذا ماده بقوله: "فيتلو من أجل ذا".

فيلي ما ذكر نحو: "كيْ" و"إذًا" وهما في مرتبة واحدة، كقوله تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر/ ٧]، وقوله: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ} [الإسراء/ ٧٥].

فإن قيل: كيف عدّ المؤلف "كيْ" من الصريح في التعليل مع أنها تكون مصدرية، والمحتمل لغير التعليل ليس صريحًا في التعليل به.


(١) البيت رقم (٦٧٧).
(٢) أخرجه البخاري رقم (٦٢٤١)، ومسلم رقم (٢١٥٦) من حديث سهل بن سعد -رضي اللَّه عنه-. بلفظ: (. . . من أجل. . .). ولفظ: (لأجل البصر) لم أجده وإن ذكره الغزالي وابن أمير حاج وعزاه الأخير لابن أبي شيبة ولم أجده.