الحكم، كما نبه على أركان القياس الأربعة؛ فالأصلُ دَين العباد، والفرعُ دَين اللَّه تعالى، والحُكْم جواز القضاء، والعلة في الأصل والفرع كون كلٍّ منهما دينًا.
وقول المؤلف:"دون خُلْف" يعني أن الوصف والحكم إذا كان مصرَّحًا بهما على الوجه الذي ذكرنا فإنه إيماء بلا خلاف، ومفهومه أنهما إن كانا غير ملفوظَيْن -أي كانا مستنبطَيْن- فليس من صور الإيماء، وإن كان أحدهما ملفوظًا والثاني مستنبطًا ففيهما ثلاثة أقوال؛ قيل: هو إيماء، وقيل: لا، وقيل: إن كان الملفوظ الوصف فهو إيماءٌ وإن كان الحكم فلا.
مثال ذكر اللفظ واستنباط الحكم: قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}[البقرة/ ٢٧٥] فإن حِلِّية البيع وصف ملفوظ يُستنبط منه حكم هو صحة البيع.
ومثال ذكر الحكم دون الوصف: التنصيص على تحريم الربا في البُرِّ مثلًا فإنه حكم منصوص يستنبط منه الوصف وهو: الاقتيات والادِّخار على أحد الأقوال الماضية.
٦٨٧ - كما إذا سمع وصفًا فحَكَمْ ... وذِكْرُهُ في الحُكْمِ وصفًا قد أَلَمْ
٦٨٨ - إن لم يكن عِلَّتَه لم يُفِدِ ... ومنعه مما يُفيتُ. . . . . . . . .
ذكر في هذه الأبيات أمثلة من أمثلة الإيماء:
الأول: حكمه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد سماع وصفٍ، كما في حديث الأعرابيّ الذي قال: واقعت أهلي في نهار رمضان فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اعتق رقبة"(١).
(١) أخرجه البخاري رقم (٦٠٨٧)، ومسلم رقم (١١١١) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.