للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يعني أن اللفظ إذا دار بين الحقيقة المرجوحة والمجاز الراجح بكثرة الاستعمال، كلفظ "الدابة" الذي هو حقيقة مرجوحة في كلِّ ما دب، مجاز راجح في ذوات الحافر في أكثر البلاد، وفي بعضها للحمار وفي بعضها للحيَّة، فإن في ذلك ثلاثة مذاهب:

الأول: تعيين حمل اللفظ على المجاز لرجحانه بكثرة الاستعمال، وعزاه المؤلف في "الشرح" (١) لأبي يوسف، واختاره القرافي (٢)، وهو معنى قول المؤلف: "تعيينه لدى القرافي منتخب" أي مختار، ولا يُحمل على الحقيقة إلا بنيته (٣) أو قرينة.

الثاني: حمله على الحقيقة لرجحانها بالأصالة، ولا يُحمل على المجاز إلا بنيته أو قرينة، وهو قول أبي حنيفة، وهو مراد المؤلف بقوله: "ومذهب النعمان عكس ما مضى".

الثالث: وهو قول الإمام (٤)، واختاره السبكي في "جمع الجوامع" (٥) أن اللفظ يكون مجملًا فلا يُحمل على المجاز لرجحان الحقيقة بالأصالة، ولا على الحقيقة لرجحان المجاز بكثرة الاستعمال، فيتساوى الاحتمالان؛ لأن لكل منهما مرجِّحًا فيكون اللفظ مجملًا،


(١) (١/ ١٢٨).
(٢) في "التنقيح": (ص/ ٧٧).
(٣) كذا، وط: بنية، ولعلها ببينة.
(٤) أي الفخر الرازي، كما هو اصطلاح ابن السبكي في "الجمع".
(٥) (١/ ٣٣١).