للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرعيًّا لأن الاقتصار على الأول كان جائزًا، والزيادة رفعت ذلك الجواز، والتحقيقُ الأول؛ لأن جواز ترك الزائد قبل فرضه مأخوذ من البراءة الأصلية.

وقول المصنف: وليس كل ما أفاد الزيادة نسخًا، يُفهم منه أن بعض الزيادات نسخ، وهو يقصد ذلك (١)، والزيادةُ التي تكون نسخًا كما لو زيدت في صلاة الصبح ركعة -مثلًا- لأنه قبل الزيادة كان الاقتصار على الاثنتين واجبًا، والصلاة تبطل بزيادة الثالثة عمدًا، وبطُروِّ الزيادة انعكس الأمر فصارت تبطل بتركها، وإنما لم تكن الزيادة نسخًا لأن الناسخ لابدَّ من منافاته للمنسوخ، والزيادةُ قد لا تنافي، ومن هنا لم يقل مالكٌ بتحريم ذي النَّاب من السباع وذي المِخْلَب من الطير، مع أن الأحاديث صحَّت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالنهي عنها المقتضي للتحريم، وفي بعضها التصريح بالتحريم، ولكنَّ مالكًا يقول: هذه الزيادة منافية للآيات، والزائد المنافي لابد أن يكون ناسخًا، والقرآن لا يُنسخ بأخبار الآحاد (٢)، ووجه منافاة هذه الزيادة للآيات: أن اللَّه تعالى صرَّح بحصر الطعام الحرام في أشياء لم يكن منها ذو الناب من السباع ولا ذو المِخْلب من الطير، فتحريمُها ينقض ذلك الحصر، ونقضُه لا يكون إلَّا بنسخ، وحَصْرُ التحريم في شيء وبيانُ تحريم شيء بينهما فرق ظاهر، فحَصْر الطعام الحرام في أشياء فيه النَّصُّ على أن غيرها ليس بحرامٍ، فتحريمُه رفع للتحليل المفهوم من النص الأول. وما كالتغريب -مثلًا- فليس فيه منافاة؛ لأن الآية ذُكِر فيها الجلد


(١) انظر: "نشر البنود": (١/ ٢٩٥).
(٢) تقدم في التعليق (ص/ ٢٩٦) أن المؤلف قد رجع عن هذا القول.