للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "وغيره فيه لهم تردُّدُ" يعني أن غير المأذون وهو المكروه بقسميه والحرام هل يكون متعلق الرخصة أم لا؟ ومن هنا اختلف العلماء في العاصي بسفره هل يرخَّص له في قصر الصلاة وأكل الميتة وفي جواز التيمم في السفر المكروه؟ والصحيح عند المالكية هو ما رجَّحه سَنَدٌ (١) والقرطبي وابن عبدِ السلام وابن مرزوق من الجواز مطلقًا (٢).

٨٩ - وربما تجي لما أُخرج مِنْ ... أصلٍ بمطلقِ امتناعه قَمِنْ

يعني أن الرخصة ربما أُطْلِقت على ما اسْتُثني من أصل كُلِّيّ يقتضي المنع، كضرب الدِّية على العاقلة، فإنه مُسْتَثنى من أصلٍ هو: {وَلَا تَزِرُ وَازِزُةٌ وزْرَ أُخرَى} [الأنعام/ ١٦٤] فهو أصل كُلِّيّ يقتضي منع تغريم العاقلة جناية غيرها، لكنه اسْتُثني من هذا الأصل، فمثله قد تطلق عليه الرخصة، وكبيع العرية ونحو ذلك.

وقول المؤلف: "قمن" نعت لقوله: "أصل". وقوله: "بمطلق امتناعه" متعلِّق بـ "قمن" بمعنى جدير، وتقريره: ما أخرج من أصل جدير بامتناع ذلك المُخْرج لو لم يُخرجه الشرع، ومراده بالإطلاق سواء كان الإخراج لعذر شاق أم لا، فالعذر الشاق كخوف الموت إن لم يأكل الميتة، والعذر الغير الشاق كالسَّلَم وضرب الدية على العاقلة ونحو ذلك.


(١) هو سند بن عنان بن إبراهيم بن حريز بن الحسين بن خلف أَبو علي الأزدي من فقهاء المالكية، له شرح المدونة سماه الطراز (ت ٥٤١ هـ). انظر، "الديباج المذهب": (ص/ ١٢٦ - ١٢٧).
(٢) انظر "النشر": (١/ ٥٢).