للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٢ - كلام ربّي إن تعلق بما ... يَصحُّ فِعْلًا للمكلف اعلما

٢٣ - من حيث إنه به مكلفُ ... فذاك بالحكم لديهم يعرفُ

يعني أن الحكم الشرعي في الاصطلاح هو: كلام اللَّه المتعلق بما يصح أن يكون فعلًا للمكلف من حيث إنه مكلف به، فأشار بقوله: "كلام اللَّه" إلى أنه لا حكم ألبتَّة إلَّا للَّه، قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام/ ٥٧] والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مبلِّغ عن اللَّه، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل/ ٤٤] وجميع ما في السّنَّة داخل في القرآن لقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} الآية [الحشر/ ٧]، وقوله: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء/ ٨٠]، وقوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} الآية [آل عمران/ ٣١].

واحترز بقوله: "المتعلق بما يصح فعلًا للمكلف" عن المتعلق بما لا يصح فعلًا له، ككلام اللَّه المتعلق بذاته وصفاته نحو: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام/ ١٠٢]، وككلامه المتعلق بذاوت المكلفين نحو قوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} [الأعراف/ ١١]، وقوله: {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [الروم/ ٤٠]، وككلامه المتعلق بالجمادات نحو: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً} [الكهف/ ٤٧] ونحو ذلك.

وإنما عَدَل المؤلِّف عن عبارة الأصوليين بقولهم: "المتعلق بفعل المكلف" إلى قوله: "بما يصح أن يكون فعلًا للمكلف" لِيُدْخِلَ المعدومَ وقت كلام اللَّه بذلك الحكم. واحترز بقوله: "من حيث إنه به مكلف" عن كلامه المتعلق بما يصح فعلًا للمكلف من حيثية أخرى نحو قوله: