للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"مُسْجَلًا" أي مطلقًا، ومراده بالإطلاق: سواء كان العلم بذات أو نسبة.

٩٢ - الإدراك من غير قضًا تصَوُّرُ ... ومَعْه تصديقٌ وذا مُشتَهِرُ

اعلم أولًا أن الإدراك في الاصطلاح هو: وصول النفس إلى المعنى بتمامه، فإن وصلت إليه لا بتمامه فهو الشعور، ومعنى كلام المؤلف أن النفس إذا وصلت إلى المعنى من غير قضاء عليه أي حكم عليه بإثبات شيء له أو نفيه عنه، كوصولها إلى معنى الحلاوة والمرارة والبياض والسواد، فهذا يمسى تصورًا، وهو تفعُّل من الصورة، لأن المدْرِك لحقائق الماهيات تنطبع صورها في مرآة ذهنه.

وقوله: "ومعه تصديق" يعني أن الإدراك مع القضاء على الموضوع بالمحمول يُسمى تصديقًا، ومراده أن النفس إذا وصلت إلى إدراك المحكوم عليه والمحكوم به، والنسبة الحكمية التي هي مَوْرِدُ الإيجاب والسلب، وكونها واقعة بالفعل، أو غيرُ واقعة، فهذه الإدراكات الأربعة هي التصديق، وعليه فالتصديق مركب من أربعة تصورات، ومذهب الحكماء أن التصديق هو التصور الرابع والثلاثة قبله شروط فيه، وعليه فهو بسيط، فالكل متفق على أن التصديق لا يمكن إلَّا بعد أربعة تصورات وهي: تصور الموضوع والمحمول، والنسبة الحكمية من غير إثبات لها ولا نفي كما يقع من الشاكِّ، وتصور وقوعها، بالفعل أو عدم وقوعها، إلَّا أن من يقول: التصور مركب يقول: إن توقفه على التصورات الثلاثة الأُول من توقف الماهية على أركانها، ومن يقول: هو بسيط يقول: هو من توقف الماهية على شرطها.