للمتقدم منهما إذا كان قابلًا للنسخ كالإنشاء سواء كانا قطعيَّيْن أو ظنيين، وهذا هو معنى قوله:"إلا فللأخير نسخ" أي: وإلا يمكن الجمع بينهما فالأخير ناسخ للأول. وقوله:"بُيِّنا" بالبناء للمفعول.
يعني أنه إن لم يُعْلَم المتأخر من المتقدم، وكانا غير متقارنين في الورود من الشارع، وكان النسخ ممكنًا، فإنه يجب إسقاط كلٍّ منهما بالآخر وطلب الدليل من غيرهما؛ لأن كل واحد منهما يحتمل أنه ناسخ ومنسوخ، وهذا القول هو مراده بقوله:"ووجب الإسقاط بالجهل" أي جهل المتقدم والمتأخر.
وقوله:"وإن تقارنا" إلخ أي وإن تقارن الدليلان المتعارضان في الورود من الشارع، أي وردا منه في وقتٍ واحد من غير سبق أحدهما للآخر، ففيه تخيير للمجتهد بينهما يعمل بأيهما شاء لكن بشرط ألا يمكن الجمع ولا يوجد مرجِّح، فإن أمكن الجمعُ والترجيحُ معًا قُدِّم الجمع؛ لأن العمل بالدليلين أولى من إلغاء أحدهما. والضمير في قوله:"فيه" عائد إلى التقارن المفهوم من "تقارنا" و"زُكِن" معناه عُلِم.